يرجى التكرم بالتسجيل معنا، أهلا وسهلا بك في منتديات همس
أسأل الله ان يعطيك أطيب ما فى الدنيا ( محبة الله )
وأن يريك أحسن ما فى الجنه ( رؤية الله )
وأن ينفعك بأنفع الكتب ( كتاب الله )
وأن يجمعك بأبر الخلق ( رسول الله ) عليه الصلاة والسلام
منتدى همس .. همسات قلب واحد .. أسرة واحدة
العين والحسد وطرق العلاج Reg110
يرجى التكرم بالتسجيل معنا، أهلا وسهلا بك في منتديات همس
أسأل الله ان يعطيك أطيب ما فى الدنيا ( محبة الله )
وأن يريك أحسن ما فى الجنه ( رؤية الله )
وأن ينفعك بأنفع الكتب ( كتاب الله )
وأن يجمعك بأبر الخلق ( رسول الله ) عليه الصلاة والسلام
منتدى همس .. همسات قلب واحد .. أسرة واحدة
العين والحسد وطرق العلاج Reg110
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى همس للكل ... منتدى التميز والابداع ... منتدى العلم والمعرفة ... همسات قلب واحد ... أسرة واحدة
 
الرئيسيةبوابة منتدى همسأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 العين والحسد وطرق العلاج

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بنت الاسلام
مشرفة المنتدى
مشرفة المنتدى
بنت الاسلام


الجنس الجنس : انثى
الجنسية الجنسية : لبنان
المزاج المزاج : قلب سعيد
عدد المساهمات عدد المساهمات : 699
السٌّمعَة السٌّمعَة : 1
نقاط نقاط : 6753
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : opera

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:23 am








السهام الملعونة ( الحسد والعين )






وكيف تقي نفسك منهما ؟؟

















إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا ِِإله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ } ( سورة آل عمران: 102)



{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ( سورة النساء: 1)



{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا ( 70 ) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا } ( سورة الأحزاب:70،71 )


أما بعد....

فإن أصدق الحديث كتاب الله – تعالي- وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد ...

فهذه الرسالة تتحدث عن مرض لعين وداء خطير لم يخلُ منه عصر من العصور، وهو أصل كل شر، وأساس كل بلية ومصيبة، فمَن أراد أن يتعرف على هذا المرض، وكيف يقي نفسه منه ؟ فعليه أن يقرأ هذه الرسالة باسترسال واهتمام .... فهي من الأهمية بمكان .








_أولاً: الـحَـَسْـد _














إن الحسد إذا تمكن من نفس صاحبه أفسد عليه أخلاقه، وسهَّل عليه الكذب والغيبة والنميمة والوشاية بين الناس والسعي إلى الإفساد، فهو سبب كل قطيعة وأصل كل شر، فالحسد داء عضال ابتلي به كثير من الناس اليوم، وهو مرض خبيث من أمراض القلوب .

وأول من وقع في قلبه الحسد إبليس – عليه لعنة الله – فقد حسد آدم – عليه السلام – لأن الله اجتباه بالخلافة، وأمر الملائكة أن تسجد له، عند ذلك اضطرمت واشتعلت نار الحقد والحسد في أحشاء إبليس فتكبر عن أمر الله كما قال ربنا:

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدم فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } ( البقرة: 34 )

وكانت النتيجة أن طرده الله من الجنة، كما قال تعالى:

{ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ{12} قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ{13} قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{14} قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ{15} قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ {16} ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } ( الأعراف 17:12 )

وقول إبليس – لعنه الله –:{وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }أي أنه توعد بأن يجعلهم من الحاسدين .

وبالفعل بدأ في تأجيج نار الحقد والحسد بين بنى البشر، وكانت أول جريمة وقعت على وجه الأرض سببها الحسد، فقد قتل قابيل هابيل، كما أخبر بذلك رب العالمين:{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدم بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ( المائدة: 27 )

وظل الحسد ينتقل من جيل إلى جيل حتى وصل إلينا

فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي وأبو داود عن الزبير بن العوام(رضى الله عنه) قال:

قال رسول الله : " دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، حالقة الدين لا حالقة الشعر، والذي نفس محمد بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم " ( صحيح الترمذي 2038، صحيح الجامع 3361 )

تعريف الحسد :



ومعنى الحسد كما جاء في النهاية لابن الأثير (1/383) :

هو أن يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه، وجاءت كلمة الحسد في القرآن الكريم بمشتقاتها المختلفة خمس مرات

وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: أصل الحسد هو بغض نعمة الله على المحسود وتمنى زوالها فالحاسد عدو النعم، وهذا الشر هو من نفسه وطبعها، وليس هو شيئا اكتسبه من غيرها، بل هو من خبثها وشرها. ( التفسير القيم صـ 583 )

وقد عرّف الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ الحسد تعريفا آخر فقال:

هو كراهة ما أنعم الله به على غيره، وليس هو تمنى زوال نعمة الله على الغير، بل هو مجرد أن يكره الإنسان ما انعم الله به على غيره. فهذا هو الحسد سواء تمنى زواله أو أن يبقى ولكنه كاره له. كما حقق ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فقال:

" الحسد كراهة الإنسان ما أنعم الله به على غيره "( كتاب العلم صـ 71 )

وقال صاحب الظلال (6/4008) في تعريف الحسد:هو انفعال نفسي إزاء نعمة الله على بعض عباده مع تمنى زوالها، وسواء اتبع هذا الحاسد هذا الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ، أو وقف عند حد الانفعال النفسي، فإن شراً يمكن أن يعقب هذا الانفعال . أهـ

أصل كلمة الحسد:

يقول الأزهري عن أبي الأعرابي:إن أصل كلمة الحسد: هو من الحسدل، وهو القُراد،(حشرة تتطفل في أجسام الكلاب وآذان الحمير )

ومنه أُخذ الحسد لأنه يقشر القلب كما تقُْشُر القُراد الجلد فتمتص دمه . ( لسان العرب لابن منظور )

وبعد الوقوف على أصل الكلمة تعلم أنها أنسب ما أطلق على هذا الشر الأسود المستقر في أعماق الحاسدين.





فالحسد مرض شائع جدا، وهذا يوجب الحذر، فيحذر الإنسان من نفسه التي بين جنبيه، ويحذر من حسد الآخرين .

يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: " والمقصود أن الحسد مرض من أمراض النفس، وهو مرض غالب فلا يخلص منه إلا قليل من الناس، ولهذا يُقال: ما خلا جسد من حسد، لكن اللئيم يبديه، والكريم يخفيه . وقد قيل للحسن البصري: أيحسد المؤمن ؟ فقال: ما أنساك إخوة يوسف لا أباً لك، ولكن عمه في صدرك، فإنه لا يضرك ما لم تعِدّ به يداُ ولساناُ " أ هـ . ( الفتاوى 10/124 )

ويقول ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: وهذا أمر لا يكاد أحد ينْفَك منه في باطنه، ولا يأثم الإنسان بوجود ذلك، بل يأثم بالتمني لزوال النعمة عن أخيه المسلم . ( الطب الروحاني لابن الجوزي صـ 34 )

ويقول في موضع آخر:رأيت الناس يذمون الحاسد ويبالغون ويقولون: لا يحسد إلا شرير يعادى نعمة الله، ولا يرضي بقضائه . ويبخل على أخيه المسلم، فنظرت في هذا فما رأيته إلا كما يقولون . وذاك لئلا يرتفع عليه، وود أن لم ينل صديقه ما ينال، أو أن ينال هو ما نال ذاك لئلا يرتفع عليه. وهذا معجون في الطين، ولا لوم على ذلك، إنما اللوم أن يعمل بمقتضاه من قول أو فعل، وكنت أظن أن هذا قد وقع لي عن سرّى وفحصي، فرأيت الحديث عن الحسن البصري قد سبقني إليه .

ثم ساق بإسناده عن الحسن أنه قال: ليس من ولد آدم أحد إلا وقد خُلق معه الحسد، فمن لم يجاوز ذلك بقول ولا بفعل لم يتبعه شيء . ( صيد الخاطر 360 – 361 )

ـ وعلى هذا نقول: إنه لا يخلو جسد من حسد إلا من اصطفاهم الله تعالى ورفع درجاتهم وهم الأنبياء، أما سائر الخلق بالنسبة للحسد فما بين مظهر ومبطن له وما بين مبرك ذاكر وبين ساخط ناقم.

فالحُسَّاد درجات منهم من يطيش حسده في قلبه ولكنه لا يظهر عل فلتات لسانه ومنهم من لا يطيق أن يمسك غيظه أو يحبس حسده فتراه يطلق بسهام عينه وفلتات لسانه فينطلق كالجمل الأهوج الشرود ذات اليمين وذات الشمال يحسد عباد الله على ما آتاهم الله من فضله .













أنواع ومراتب الحسد وأقسام الحُسَّاد:



قال ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – ( في جامع العلوم والحكم (2/260) تحقيق الأرنؤوط ):

في قول النبي :" لا تحاسدوا " يعنى:لا يحسد بعضكم بعضا،

والحسد مركوز في طباع البشر، وهو أن الإنسان يكره أن يفوقه أحد من جنسه في شيء من الفضائل

ثم ينقسم الناس بعد هذا إلى أقسام:

1ـ فمنهم من يسعى في زوال نعمة المحسود بالبغي عليه بالقول والفعل



2ـ ومنهم من يسعى في نقل ذلك إلى نفسه



3ـ ومنهم من يسعى في إزالته عن المحسود فقط من غير نقل إلى نفسه، وهو شرهما وأخبثهماوهذا هو الحسد المذموم المنهي عنه وهو كان ذنب إبليس حيث حسد آدم عليه السلام لما رآه قد فاق على الملائكة، بأن خلقه الله بيده وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شيء واسكنه إلى جواره، فمازال يسعى في إخراجه من الجنة حتى أخرج منها .

ويروى عن ابن عمرـ رضي الله عنهما ـ : "إن إبليس قال لنوح، اثنتان أهلك بهما بنى آدم، الحسد وبالحسد لُعِنْتُ وجُعِلْت شيطاناً رجيماً، والحرص وقد أُبيح لآدم الجنة كلها، فأصبت حاجتي منه بالحرص" . ( أخرجه ابن أبي الدنيا )



4ـ وقسم آخر من الناس إذا حسد غيره لم يعمل بمقتضى حسده، ولم يبغ على المحسود بقول ولا فعل وقد روى عن الحسن أنه لا يأثم بذلك، وروى مرفوعا من وجوه ضعيفة وهذا القسم على نوعين:

أحدهما: أن لا يمكنه إزالة الحسد من نفسه، فيكون مغلوباً على ذلك فلا يأثم به

الثانـي:من يحدث نفسه بذلك اختياراً، ويعيده ويبديه في نفسه متروحاً إلى تمنى زوال نعمة أخيه، فهذا شبيه بالعزم المصمم على المعصية، وفي العقاب على ذلك اختلاف بين العلماء. وسيذكر في موضع آخر ـ إن شاء الله تعالى ـ لكن هذا يبعد أن يسلم من البغي على المحسود ولو بالقول فيأثم بذلك.



5ـ وقسم آخر إذا حسد لم يتمنى زوال نعمة المحسود بل يسعى في اكتساب مثل فضائله، ويتمنى أن يكون مثله، فإن كانت الفضائل دنيوية فلا خير في ذلك، كما قال الذين يريدون الحياة الدنيا: { يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونٍُ } ( القصص: 79 )

وإن كانت فضائل دينية فهو حسن، وقد تمنى النبي الشهادة في سبيل الله .



وفي الصحيحين عنه قال: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناءالنهار "

وهو الغِبْطَة، وسماه حسداً من باب الاستعارة .



6ـ وقسم آخر إذا وجد من نفسه الحسد سعى في إزالته وفي الإحسان إلى المحسود

بإسداء الإحسان إليه والدعاء له ونشر فضائله، وفي إزالته ما وجد له في نفسه من الحسد حتى يبدله بمحبة أن يكون أخوه المسلم خيراً منه وأفضل، وهذا من أعلى درجات الإيمان، وصاحبه وهو المؤمن الكامل الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه . أهـ



يقول ابن القيم كما في التفسير القيم صـ 584: للحسد ثلاث مراتب:



أحداها:بغض نعمة الله على المحسود وتمني زوالها.





والثانية: تمنى استصحاب عدم النعمة . فهو يكره أن يُحدث الله لعبده نعمة، بل







يحب أن يبقى على حاله من جهله، أو فقره، أو ضعفه، أو شتات قلبه عن الله، أو قلة دينه . فهو يتمنى دوام ما هو فيه من نقص وعيب، فهذا حسد على شيء





مٌقَدّر، والأول حسد على شيء محقق . وكلاهما حاسد، وعدو نعمة الله، وعدو





عباده، وممقوت عند الله تعالى، وعند الناس، ولا يسود أبداً، ولا يواسى فإن





الناس لا يُسوِّدون عليهم إلا من يريد الإحسان إليهم، فأما عدو نعمة الله عليهم





فلا يُسوِّدونه باختيارهم أبداً إلا قهراً، يعدونه من البلاء و المصائب التي ابتلاها







الله بها، فهم يبغضونه وهو يبغضهم.





والثالثة: حسد الغبطة، وهو تمني أن يكون له مثل حال المحسود من غير أن تزول النعمة عنه، فهذا لا بأس به، ولا يعاب صاحبه، بل هذا قريب من المنافسة .

وقد قال تعالى: { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } (المطففين: 26)

وفي الصحيح عن النبي : أنه قال: " لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً وسلطه على هَلَكَتْه في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة، فهو يقضى بها ويعلمها الناس " ( متفق عليه )

فهذا حسد غبطة، الحامل لصاحبه عليه كِبرَ نفسه، وحب خصال الخير، والتشبه بأهلها، والدخول في جملتهم، وأن يكون من سُبَّاقهم وعليهم ومُصَلِّيهم لا من فساكِلهم (الفسكل: - بوزن قنفد – الفرس الذي يجيء في حلبة السباق آخر الخيل .) فتحدث له من هذه الهمة المنافسة والمسابقة والمسارعة، مع محبته لمن يغبطه، وتمني دوام نعمة الله عليه، فهذا لا يدخل في الآية بوجه ما.

وخلاصة ما سبق من كلام ابن رجب وابن القيم ـ رحمهما الله ـ يتبين أن الحسد نوعان:

حسد مذموم، وحسد محمود

أولاً:الحسد المذموم:

وهو الذي ذكره رب العالمين في كتابه الكريم وحذرنا منه الرسول الأمين في سنته المطهرة . وهذا النوع من الحسد على مراتب :

المرتبة الأولى: أن يحب الإنسان زوال النعمة عن الغير، وان تنتقل إليه، ولذا يسعى بكافة السُبل المحرمة إلى الإساءة إليه ليحصل على مقْصُودَهُ، كأن يحصل على داره، أو يجعله يطلق امرأته ليتزوجها، أو يكون صاحب منصب، فيجب أن يحصل عليه بدلاً من ذلك الغير، وهذه المرتبة هي الغالبة بين الحُساد.

المرتبة الثانية: أن يحب الإنسان زوال النعمة عن الغير، وان كانت هذه النعمة لا تنتقل إليه، وهذه المرتبة في غاية الخبث ولكنها دون المرتبة الأولى

المرتبة الثالثة: أن يشتهي الإنسان نفس هذه النعمة لنفسه وأن يكون لديه مثلها، فان عجز عن الحصول على مثلها، أحب زوال هذه النعمة عن الغير كي لا يظهر التفاوت بينهما . ( الإحياء للغزالى جـ 3 صـ 298 )

ثانيا: الحسد المحمود:

المقصود بالحسد المحمود هو أن يرى الإنسان نعمة على غيره، فيتمنى أن يكون له مثلها دون أن يكرهها أو يتمنى زوالها عن ذلك الغير. ( النهاية لابن الأثير جـ 1 صـ 383 )

وهذا الذي قال عنه النبيكما عند البخاري:" لا حسد إلا في اثنتين: رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار، فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيت مثلما أوتى فلان، فعملت مثل ما يعمل، ورجل أتاه الله مالاً فهو يهلكه في الحق، فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما ي" ( البخاري حديث 5026 )

ويسمى هذا النوع من الحسد المحمود بالغبطة أو المنافسة، ومن المعلوم أن المنافسة في عمل الخيرات وطلب الآخرة أمر حثنا عليه الله في كتابه والنبي في سنته المطهرة قال تعالى: { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } ( الحديد: 21)

وقال سبحانه: { وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } (المطففين: 26)





ـ عمر ينافس أبا بكر الصديق ـ رضي الله عنهما ـ

روى أبو داود عن عمر بن الخطاب(رضى الله عنه) قال: أمرنا رسول الله أن نتصدق، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوماً، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله : " ما أبقيت لأهلك؟ " قلت: مثله. وأتي أبو بكر بكل ما عنده. فقال:" يا أبا بكر، ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: والله لا أسابقك إلى شيء أبداً"

( صحيح أبي داود للألباني حديث 1472)

يقول عمر(رضى الله عنه) هذا الكلام وليس في قلبه شيء؛ لأن المؤمن التقى النقي هو الذي لا يحسد أحداً أبداً على ما أعطاه ربنا المعبود في هذا الوجود، فالمؤمن يغبط ومَنْ في إيمانه خلل يحسد وقد أثنى الله – عز وجل – على الأنصار لأنهم لا يحسدون أحداً على نعمة أنعم الله بها عليه فقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ( الحشر: 9 )

قال ابن كثير – رحمه الله –: قوله تعالى: { وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا } (الحشر:9)

أي: ولا يجدون في أنفسهم حسداً للمهاجرين وهكذا كان حال الرعيل الأول، لا حقد ولا حسد، ولذا كانت لهم القيادة والسيادة ويجمعهم الحب ويعمهم الخير، وهكذا يكون حال كل من تخلى عن هذا الخلق الذميم وصدق النبي حيث قال كما عند الطبراني من حديث ضمرة بن ثعلبة(رضى الله عنه): " لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا "

ولقد وصف الله تعالى هؤلاء الناس بقوله: {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا } (الحشر:10) أي: حقد وحسد .

وبين لنا النبي أن المؤمن الحق لا يوجد في قلبه حسد

1ـ فقد أخرج الإمام أحمد والنسائي بسند صحيح عن أبي هريرة(رضى الله عنه) t أن النبي قال: " ولا يجتمعان في قلب عبدٍ الإيمان والحسد "

2ـ وأخرج الطبراني وابن ماجة بسندٍ صحيح أن النبي قال: "خير الناس ذو القلب المخموم واللسان الصادق، قيل ما القلب المخموم ؟ قال: هو التقى النقي الذي لا إثم فيه ولا بغى ولا حسد، قيل: فمن على أثره؟ قال: مؤمن في خلق حسن" ( صححه الألباني في صحيح الجامع ( 3291 )

وسنتناول الحديث عن النوع الأول وهو الحسد المذموم ونسأل الله التوفيق والهداية

* لقد حذرنا ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ أن نسلك مسلك أهل الكتاب والذين تمتلىء قلوبهم حقداً وحسداً للمؤمنين، فقال رب العالمين في كتابه الكريم: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } (البقرة: 109)

قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ: يحذر الله تعالى عباده المؤمنين من سلوك الكفار من أهل الكتاب، ويعلمهم بعداوتهم لهم في الظاهر والباطن، وما هم مشتملون عليه من الحسد ( تفسير ابن كثير جـ 2 صـ 18 )

وقال سبحانه: { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً } ( النساء: 54 )

قال القرطبى: قوله تعالى: { أَمْ يَحْسُدُونَ } يعنى: اليهود.

وقوله تعالى: { النَّاسَ } يعنى النبي خاصة

قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: حسدوه على النبوة، وأصحابه على الإيمان به. ( تفسير القرطبى جـ 5 صـ 252 )

وحيث إن الحاسد تنطوي نفسيته على خبث وسوء طوية حيث إنه يغتنم وقت سرورك، فقد أمرنا رب العزة بالاستعاذة من شره فقال تعالى: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1} مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2} وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3} وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4} وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} ( سورة الفلق )



ـ وقد حذرنا النبي أيضاً من الحسد لما يترتب عليه من مفاسد في الدين والدنيا:روى الشيخان عن أنس(رضى الله عنه) أن النبي قال: " لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا " (البخاري حديث 6076، ومسلم حديث 2559 )

وروى في الحديث الضعيف الذي أخرجه أبو داود والبخاري في الأدب المفرد والبيهقى في الشعب عن إبراهيم بن أبي أسيد عن جده عن أبي هريرة(رضى الله عنه) أن النبي قال:"الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار"

وجد إبراهيم هذا مجهول؛ لأنه لم يسم والحديث قال عنه البخاري: لا يصح .



وكما حذرنا ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ من الحسد وأمرنا بالاستعاذة منه وكذلك أرشدنا نبينا على التخلي عنه وألا يكون في قلب يعمر بالإيمان أبداً

ـ فكذلك السلف كان يوصي بعضهم بعضاً بالتخلي عن هذا الخلق الذميم الذي فيه ضياع الدنيا والدين .

1ـ قال الحسن البصري ـ رحمه الله ـ: " يا ابن آدم لا تحسد أخاك فإن كان الذي أعطاه الله لكرامته عليه، فلا تحسد من أكرمه الله تعالى وإن كان لغير ذلك فَلِمَ تحسد من مصيره إلى النار؟".

2ـ وأوصى رجل رجلاً فقال له: "إني أريد أن أعظك بشيء، فقال:وما هو؟قال: إياك والكبر فإنه أول ذنب عُصِى الله به ثم قرأ:" { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدم فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } ( البقرة: 34 )

وإياك والحرص فإنه أخرج آدم من الجنة، أسكنه الله سبحانه وتعالى جنة عرضها السماوات والأرض يأكل منها إلا شجرة واحدة نهاه عنها فأكل منها فأخرجه الله تعالى منها ثم قرأ: {قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً ..... } إلى آخر الآية (البقرة:38)

وإياك والحسد فإنما قتل ابن آدم أخاه حين حسده ثم قرأ:

{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدم بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ( المائدة: 27 )

وذُكر هذا الكلام أيضاً عن الحسن البصري حيث قال ـ رحمة الله عليه ـ:

" هلاك الناس من ثلاث: الكبر، والحرص، والحسد، فالكبر هلاك الدين وبه لعن إبليس، والحرص هلاك النفس وبه أُخرج آدم من الجنة، والحسد رائد الشر وبه قتل قبيل أخاه هابيل " .

ـ وكان بعض السلف يقول:

إياكم والحسد، فإن أول خطيئة كانت هي الحسد، حسد إبليس آدم ـ عليه السلام ـ على رتبته فأبي السجود له .


يتبع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الاسلام
مشرفة المنتدى
مشرفة المنتدى
بنت الاسلام


الجنس الجنس : انثى
الجنسية الجنسية : لبنان
المزاج المزاج : قلب سعيد
عدد المساهمات عدد المساهمات : 699
السٌّمعَة السٌّمعَة : 1
نقاط نقاط : 6753
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : opera

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:26 am



_ثانياً: الـعَـيْـن_



العين والحسد وطرق العلاج Dfgdfgdf

ومعنى العين: كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ( 10/210 ):

" نظر باستحسان مشوب بحسد من خبيث الطبع يحصل منه ضرر"



وقال ابن الأثير – رحمه الله – كما في النهاية ( 3/332 ):يقال: أصابت فلاناً عين، إذا نظر إليه عدوً أو حسود فأثّرت فيه فمرض بسببها.



وقال ابن كثير في تفسيره (4/410):العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله ـ عز وجل ـ .



وقال المازرى كما في فتح الباري (10/210):الذي يتمشى على طريقة أهل السنة، أن العين إنما تضر عند نظر العائن بعادة أجراها الله تعالى أن يحدث الضرر عند مقابلة شخص لآخر.



وقال الشنقيطى كما في أضواء البيان (4/483):

النفوس الخبيثة لها أثار بإذن الله تعالى، ومن أصرح الأدلة الشرعية في ذلك قوله العين والحسد وطرق العلاج 25: " العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين " .

وهذا الحديث الصحيح يدل على أن همة العائن وقوة نفسه في الشر، جعلها الله سبباً للتأثير في المصاب بالعين.















والحسد بالعين ثابت بالكتاب والسنة ولا ينكره إلا جاحد .

أولاً:الأدلة من القرآن الكريم على تأثير العين:



1ـ قال تعالى:{ وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ{67} وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ( يوسف 67 – 68 )

يقول الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ ( 2/485) في تفسير هاتين الآيتين:

يقول الله تعالى إخباراً عن يعقوب ـ عليه السلام ـ: إنه أمر بنيه لما جهّزهم مع أخيهم بنيامين إلى مصر، أن لا يدخلوا كلهم من باب واحد، وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال ابن عباس ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسُّدِّى وغير واحد: إنه خشي عليهم العين، وذلك لأنهم كانوا ذوى جمال وهيئة حسنة ومنظر وبهاء، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم، فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه.

وقوله: { وَمَا أُغْنِي عَنكُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ }(يوسف:67)

أي: إن هذا الاحتراز لا يرد قدر الله وقضاءه، فإن الله إذا أراد شيئاً لا يخالف ولا يمانع.

{وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُم مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا }

قالوا: هي دفع إصابة العين لهم . أ هـ باختصار



2ـ وقال تعالى: { وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} ( القلم: 51 )

يقول الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله تعالى ـ (4/410):

قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما: { لَيُزْلِقُونَكَ }لينفذونك، {بِأَبْصَارِهِمْ }أي: يعينونك بأبصارهم، بمعنى يحسدونك لبغضهم إياك لولا وقاية الله لك وحمايته إياك منهم، وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله – عز وجل – كما وردت بذلك الأحاديث المروية من طرق متعددة كثيرة.





قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:وقد قال غير واحد من المفسرين في قوله تعالى: { وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ } إنه الإصابة بالعين.

أرادوا أن يصيبوا بها رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25، فنظر إليه قوم من العائنين، وقالوا: ما رأينا مثله، ولا مثل حجته . وكان طائفة منهم تمر به الناقة والبقرة السمينة فيعينها، ثم يقول لخادمه: خذ المكتل والدرهم وائتنا بشيء من لحمها، فما تبرح حتى تقع . فتنحر.

وقال الكلبي:كان رجل من العرب يمكث يومين أو ثلاثة لا يأكل، ثم يرفع جانب خبائه، فتمر به الإبل، فيقول: لم أر كاليوم إبلاً ولا غنماً أحسن من هذه، فما تذهب إلا قليلا حتى يسقط منها طائفة، فسأل الكفار هذا الرجل أن يصيب رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25 بالعين، ويفعل به كفعله في غيره، فعصم الله رسوله وحفظه . وأنزل عليه: { وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ } هذا قول طائفة .

وقالت طائفة أخرى، منهم ابن قتيبة:ليس المراد أنهم يصيبونك بالعين، كما يصيب العائن بعينه ما يعجبه، وإنما أراد: أنهم ينظرون إليك إذا قرأت القرآن نظراً شديداً بالعداوة والبغضاء، يكاد يُسقطك، قال الزجاج: يعنى من شدة العداوة يكادون بنظرهم نظر البغضاء أن يصرعوك، وهذا مستعمل في الكلام . يقول القائل: نظر إلى نظراً كاد يصرعني.

قال: ويدل على صحة هذا المعنى: أنه قرن هذا النظر بسماع القرآن، وهم كانوا يكرهون ذلك أشد الكراهية، فيُحِدُّون إليه النظر بالبغضاء .

قلت: النظر الذي يؤثر في المنظور: قد يكون سببه شدة العداوة والحسد فيؤثر نظره فيه، كما تؤثر نفسه بالحسد، ويقوى تأثير النفس عند المقابلة، فإن العدو إذا غاب عن عدوه فقد يشغل نفسه عنه، فإذا عاينه قُبُلاً اجتمعت الهمة عليه، وتوجهت النفس بكليتها إليه، فيتأثر بنظره، حتى إن من الناس من يسقط، ومنهم من يحمُّ، ومنهم من يحمل إلى بيته، وقد شاهد الناس من ذلك كثيراً.

وقد يكون سببه الإعجاب، وهو الذي يسمونه: بإصابة العين، وهو أن الناظر يرى الشيء رؤية إعجاب به أو استعظام، فتتكيف روحه بكيفية خاصة تؤثر في المعين . وهذا هو الذي يعرفه الناس من رؤية العين، فإنهم يستحسنون الشيء ويعجبون منه، فيصاب بذلك .

فالكفار كانوا ينظرون إليه نظر حاسد شديد العداوة، فهو نظر يكاد يزلقه لولا حفظ الله وعصمته، فهذا أشد من نظر العائن، بل هو جنس من نظر العائن فمن قال: إنه من الإصابة بالعين أراد: هذا المعنى، ومن قال: ليس به . أراد: أن نظرهم لم يكن استحسان وإعجاب . فالقرآن حق . أ هـ( التفسير القيم صـ 577 – 579 باختصار)

ثانياً:الأدلة من السنة النبوية على تأثير العين:

1ـ أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة(رضى الله عنه) قال: قال رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25:

" العين حق "( البخاري ومسلم )

2ـ أخرج ابن ماجة عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي العين والحسد وطرق العلاج 25 قال:

" استعيذوا بالله من العين فإن العين حق" (صححه الألباني في صحيح الجامع 938، والصحيحة 737)

3ـ وأخرج الإمام مسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25: " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا استُغْسِلتم فاغسلوا "( مسلم )

أي: وإذا طلب من أحدكم أن يغتسل لأخيه المسلم لأنه أصابه بالعين فليلبِ طلبه وليغتسل له .

ومعنى الحديث كما جاء في تحفة الأحوذى (6/181): " العين حق" أي: أثرها حق لا بمعنى أن لها تأثيراً بل بمعنى أنها سبب عادى كسائر الأسباب العادية بخلق الله تعالى عند نظر العائن إلى شيء وإعجابه ما شاء من ألم أوهلكة وقول النبي: " لو كان شيء سابق القدر" بالتحريك، أي: لو أمكن أن يسبق شيء القدر في إفناء شيء وزواله قبل أوانه المقدر له " لسبقته " العين، لكنها لا تسبق القدر فإنه تعالى قدر المقادير قبل الخلق



قال الحافظ ـ رحمه الله ـ:جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين، لأنه لا يمكن أن يرد القدر شيء، إذ القدر عبارة عن سابق علم الله، وهو لا راد لأمره وحاصله لو فرض أن شيئاً له قوة بحيث يسبق القدر لكان العين لكنها لا تسبق فكيف غيرها . أهـ



قال النووي ـ رحمه الله ـ:فيه إثبات القدر وهو حق بالنصوص وإجماع أهل السنة، ومعناه أن الأشياء كلها بقدر الله تعالى، ولا تقع إلا على حسب ما قدر الله تعالى وسبق به علمه .

فلا يقع ضرر العين ولا غيره من الخير والشر إلا بقدر الله تعالى، وفيه صحة أمر العين وأنها قوية الضرر . أهـ

4ـ وأخرج الإمام أحمد والترمذي عن أسماء بنت عميس ـ رضي الله عنها ـ قالت:يا رسول الله إنّ بنى جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ فقال: " نعم فلو كان شيء سابق القضاء لسبقته العين " ( صحيح الجامع 5289 )



5ـ وأخرج الإمام أحمد وأبو يعلى عن أبي ذر(رضى الله عنه) قال: قال رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25:" إن العين لتولع بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقاً فيتردى منه " ( صحيح الجامع 168، والصحيحة 819 )

والمعنى: أن العين تصيب الرجل فتؤثر فيه، حتى إنه ليصعد مكانا مرتفعا ثم يسقط من أعلاه من أثر العين .

6ـ وأخرج أحمد والطبراني والحاكم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25 قال: " العين حق تستنزل الحالق "( حسنه الألباني في الصحيحة 1250 )

أي: تسقطه من الجبل العالي .



7ـ وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جابر(رضى اله عنه) قال: قال رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25:

" العين تُدْخِل الرجل القبر، وتُدْخِل الجمل القدر"

( حسنه الألباني في صحيح الجامع4144، والصحيحة 240)

والمعنى: أن العين تصيب الرجل فتقتله فيموت ويدفن في القبر، وتصيب الجمل فيشرف على الموت فيذبح ويطبخ في القدر، فالبعض يجهل أن أكثر ساكني القبور من العين .



وقد كانت العين في بعض قبائل العرب مشهورة بها، كانت العين في بنى أسد حتى أن البقرة أو الناقة السمينة تمر بأحدهم فيرمى بسهم عين إليها ثم يقول بجاريته يا جارية خذي المكتل ( الزنبيل ) والدرهم فأتينا بلحم من هذه الناقة، فما تبرح تلك الناقة حتى تخر وتقع فتنحر فيبيعها أهلها لحماً.



8ـ وأخرج البخاري في التاريخ عن جابرt قال: قال رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25:

" أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين "(حسنه الألباني في صحيح الجامع1217 )



















لكن كيف تؤثر العين في المحسود ؟

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:

قالت طائفة: إن العائن إذا تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة، انبعث من عينيه قوة سُمِّية تصل المَعِين

(المحسود) فيتضرر، قالوا: ولا يُسْتَنْكَر هذا، كما لا يستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك، وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي، أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك، فكذلك العائن . وقالت فرقة أخرى: لا يُسْتَبْعَد أن ينبعث من عيون بعض الناس، جواهر لطيفة، غير مرئية فتصل المعين وتتخلل مسام جسمه فيحصل له الضرر. ( زاد الميعاد جـ4 صـ 165،166 )

فالعين حقيقة لا خيال .

قال ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ:فأبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، وهؤلاء من اجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجاباً، وأكثفهم طباعاً، وأبعدهم معرفة عن الأرواح والنفوس، وصفاتها وأفعالها وتأثيراتها، وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين، ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه، وجهة تأثير العين .

ثم قال:ولا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوىً وطبائع مختلفة، وجعل في كثير منها خواص وكيفيات مؤثرة، ولا يمكن لعاقل إنكار تأثير الأرواح في الأجسام، فانه أمر مشهود ومحسوس، وأنت ترى الوجه كيف يحمرّ حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه ويستحي منه، ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه، وقد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح، ولشدة ارتباطها بالعين بنسب الفعل إليها، وليست هي الفاعلة، وإنما التأثير للروح، والأرواح مختلفة في طبائعها وقواها وكيفيتها وخواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بيناً، ولهذا أمر الله ـ سبحانه ـ رسوله أن يستعيذ به من شره، وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا يُنْكِرُه إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهو أصل الإصابة بالعين، فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة وتقابل المحسود، فتؤثر فيه بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بهذه الأفعى، فان السم كامن فيها بالقوة، فإذا قابلت عدوها انبعثت منها قوة غضبية وتكيفت بكيفية خبيثة مؤذية، فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حتى تؤثر في إسقاط الجنين، ومنها ما تؤثر في طمس البصر، كما قال النبي العين والحسد وطرق العلاج 25 في الأبتر، وذى الطُّفْيَتَيْنِ من الحيات" إنهما يلتمسان البصر، ويسقطان الحَبَل "( البخاري ومسلم )



وأخرج الشيخان أيضاً عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25 قال:

" اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبتر فإنهما يطمسان البصر ويسقطان الحَبَل" ( ( الجنين في بطن أمه ) أخرجه البخاري (3297) في بدء الخلق: باب قول الله تعالى: ( وبث فيها من كل دابة )،ومسلم (2233) في الإسلام: باب قتل الحيات وغيرها، من حديث ابن عمر، والطفيتان: هما الخطان الأبيضان على ظهر الحية، والأبتر: قصير الذنب أو مقطوع الذنب، وقوله: يلتمسان البصر، قال الخطابي: فيه تأويلان، أحدهما: معناه يخطفان البصر ويطمسانه بمجرد نظرهما إليه بخاصة جعلها الله تعالى في بصريهما إذا وقع على بصر الإنسان، والثاني: أنهما يقصدان البصر باللسع والنهش، والأول أصح وأشهر .) ( البخاري 3297، ومسلم 2233 )

والتأثير يكون تارة بالاتصال، وتارة بالمقابلة، وتارة بالرؤية، وتارة بتوجه الروح نحو من يؤثر فيه، وتارة بالأدعية والرقى والتعويذات، وتارة بالوهم والتخيل،

ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية، بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه، وإن لم يره، وكثير من العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية (( يحكى في ريف مصر الجاهلية قصة مشهورة تقول: إن فلاحاً اصطحب رجلاً ضريراً اشتهر بأنه حسود ـ وطلب منه أن يحسد ماشية فلاح آخر فقال له الأعمى: عندما تقترب من الماشية أخبرني، فقال له الفلاح بعد فترة قصيرة: ها هي قادمة، فسأله الأعمى: أين ؟ قال الفلاح: عند الترعة، فقال له الأعمى مندهشاً . ياه !! أنت شايف لغاية الترعة فأصيب الفلاح بالعمى في الحال ). (لا شك إن صحت فالجزاء من جنس العمل لأنه هو المخرب الأول ))، وهي سهام تخرج من نفس العائن فتصيب المعين تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية له أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذراً شاكى السلاح لا منفذ فيه للسهام، لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها . وأصله من إعجاب العائن بالشيء، ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين، وقد يعين الرجل نفسه، وقد يعين بغير إرادته . أهـ مختصراً ( زاد الميعاد 4/165 )



هل تعلم أن الجن يصيب أيضاً بالعين ؟

قال ابن القيم – رحمه الله –:

العين عينان: عين إنسية وعين جنية

فقد أخرج الترمذي وابن ماجة بسند صحيح عن أبي سعيد الخدرى(رضى الله عنه) قال:" كان رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25 يتعوذ من عين الجان ثم من أعيُن الإنس، فلما نزلت المعوذتان أخذهما وترك ما سوى ذلك " ( صححه الألباني في صحيح ابن ماجة 2830 )

وأخرج البخاري ومسلم عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ :أن النبي العين والحسد وطرق العلاج 25 رأى في بيتها جارة في وجهها سفعة – بقعة سوداء – فقال: " استرقوا لها فإن بها النظرة "

قال الفرّاء قوله: ( سفعة ) أى: نظرة من الجن .

ـ والسفعة: قال إبراهيم الحربى:هو سواد في الوجه، ومنه سفعة الفرس،يعني: سواد ناصيته،

وعن الأصمعي:حمرة يعلوها سواد، وقيل صفرة، وقيل سواد مع لون آخر، وقال ابن قتيبة: لون يخالف لون الوجه، وكلها متقاربة، وحاصلها أن بوجهها موضعاً على غير لونه الأصلي، وكأن الاختلاف بحسب اللون الأصلي، فان كان أحمراً فالسفعة سواد صرف، وإن كان أبيضاً فالسفعة صفرة ـ وإن كان أسمراً فالسفعة حمرة يعلوها سواد . ( فتح البارى 10/212 )



قال الحافظ ابن حجر– رحمه الله –: اختلف في المراد بالنظرة، فقيل: عين من نظر الجن، وقيل من الإنس وبه جزم أبو عبيد الهروى، والأولى أنه أعم من ذلك، وأنها أصيبت بالعين فلذلك أذن العين والحسد وطرق العلاج 25 في الاسترقاء لها، وهو دال على مشروعية الرقية من العين .( فتح البارى10/213 )

ومن هذين الحديثين يتبين لنا أن العين تقع من الجن كما تقع من الإنس،

ولذا يجب على كل مسلم أن يذكر اسم الله عندما يخلع ثوبه أو ينظر في المرآة، أو يقوم بأي عمل؛ كي يدفع عن نفسه أذى الجن من عين أو غيرها .

فقد أخرج ابن السني عن أنس(رضى الله عنه)عن النبيالعين والحسد وطرق العلاج 25أنه قال:" ستر ما بين أعين الجن وعورات ابن آدم أن يقول الرجل المسلم إذا أراد أن يطرح ثيابه: بسم الله الذي لا إله إلا هو "

وعند الطبراني عن أنس بن مالك(رضى الله عنه)قال رسول الله العين والحسد وطرق العلاج 25:" ستر ما بين أعين الجن وعورات بنى آدم إذا وضعوا ثيابهم أن يقولوا: بسم الله "

وأخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة أن النبيالعين والحسد وطرق العلاج 25قال: " ستر ما بين أعين الجن وعورات بنى آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله "

( صححه الألباني في صحيح الجامع 3611 )

وأخرج ابن أبي الدنيا: " ستر ما بين أعين الجن وبين عورات بنى آدم إذا وضع أحدهم ثوبه أن يقول: باسم الله الحكيم" ( رواه ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان، وابن السني في عمل اليوم والليلة وعن أنس والطبراني في الأوسط )











علامات الإصابة بالعين:

ليس هناك تعارض بين الطب وبين الرقية الشرعية، فالقرآن فيه شفاء من الأمراض العضوية والأمراض الروحية .

وإذا كان الإنسان سليماً من الأمراض العضوية، فإن الأمراض تكون غالباً على هيئة:

صداع متنقل، صفرة في الوجه، كثرة العرق والتبول، ضعف الشهية، تنميل أو حرارة أو برودة في الأطراف، خفقان في القلب، ألم متنقل أسفل الظهر والكتفين، حزن وضيق في الصدر، أرق في الليل، انفعالات شديدة من خوف وغضب غير طبيعي، كثرة التجشؤ والتنهد، حب الانعزال، الخمول والكسل، الرغبة في النوم، ومشاكل صحية أخرى لا سبب طبي لها .

وقد توجد هذه العلامات أو بعضها بحسب قوة المرض وضعفه، ولا بد للمسلم أن يكون قوى الإيمان قوى القلب لا تدخله الوساوس، بأن يوهم نفسه أنه مصاب بمرض ما بمجرد إحساسه بأحد هذه الأعراض؛ لأن مرض الوسواس من أصعب الأمراض علاجاً، وقد توجد بعض هذه العلامات عند بعض الناس وهم أصحاء، وقد توجد ويكون السبب مرضاً عضوياً

وقد توجد ويكون السبب فيها ضعف الإيمان، مثل: ضيق الصدر، وقلة الرزق، والحزن، والخمول وغيرها، فعليه بمراجعة حساباته مع الله ـ عز وجل ـ .













يتبع

العين والحسد وطرق العلاج 82307130



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الاسلام
مشرفة المنتدى
مشرفة المنتدى
بنت الاسلام


الجنس الجنس : انثى
الجنسية الجنسية : لبنان
المزاج المزاج : قلب سعيد
عدد المساهمات عدد المساهمات : 699
السٌّمعَة السٌّمعَة : 1
نقاط نقاط : 6753
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : opera

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:29 am



_الفرق بين الحسد والعين _





من أهم الفروق التي ذكرها أهل العلم كابن الجوزي وابن القيم وابن حجر والنووي وغيرهم ـ رحمهم الله جميعاً ـ

1ـ الحاسد أعم من العائن، فالعائن حاسد خاص، فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً، ولذلك جاء ذكر الاستعاذة في سورة الفلق من الحاسد، فإذا استعاذ المسلم من شر الحاسد دخل فيه العائن، وهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته . ( التفسير القيم:759)



2ـ الحسد يتأتى عن الحقد والبغض وتمني زوال النعمة، أما العين فيكون سببها الإعجاب والاستعظام والاستحسان .




3ـ الحسد والعين يشتركان في الأثر حيث يسببان ضرراً للمعين والمحسود، ويختلفان في المصدر، فمصدر الحسد تحرُّق القلب واستكثار النعمة على المحسود، وتمنى زوالها عنه، أما العائن فمصدره انقداح نظرة العين، لذا فقد يصيب من لا يحسده من جماد أو حيوان أو زرع أو مال، وربما أصابت عينه نفسه، فرؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين .(التفسير القيم:577، وبدائع الفوائد جـ2صـ 231)



4ـ الحاسد يمكن أن يحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه،أو يحصل عند غيبة المحسود وحضوره بينما العائن لا يعين إلا الموجود بالفعل .



5ـ لا يحسد الإنسان نفسه ولا ماله ولكنه قد يعينهما .



لا يقع الحسد إلا من نفس خبيثة حاقدة، ولكن العين قد تقع من رجل صالح من جهة إعجابه بالشيء دون إرادة منه إلى زواله، كما حدث من عامر بن ربيعة عندما أصاب سهل بن حنيف بعين برغم أن عامراً(رضى الله عنه) من السابقين إلى الإسلام، بل ومن أهل بدر .













_ علاج الإصابة من الحسد والعين _





أولاً:كيف تّتَّقِى الإصابة بالعين قبل وقوعها ؟

أولا وقبل أن نتكلم عن كيفية العلاج،ينبغي أن نتكلم عن كيفية الوقاية من الإصابة بالعين،فالوقاية خير من العلاج.

ومن طرق الوقاية:

ستر محاسن من يخشى عليه الإصابة بالعين:

قال ابن القيم – رحمه الله – :

ومن علاج ذلك أيضاً والاحتراز منه: ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها عنه.

كما ذكر البغوى في كتاب ( شرح السنة):

إن عثمان(رضى الله عنه) رأى صبياً مليحاًفقال:دَسِّموا نونته، لئلا تصيبه العين

ثم قال في تفسيره: ومعنى دَسِّموا نونته: أي سودوا نونته،

ـ والنونة:النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير وهي محل الحسن . ( شرح السنة:13/116)

وقال الخطابي في ( غريب الحديث ) له عن عثمان (رضى الله عنه) :

إنه رأى صبياً تأخذه العين، فقال: دَسِّموا نونته .

فقال أبو عمر: سألت أحمد بن يحيى عنه، فقال: أراد بالنونة: النقرة التي في ذقنه .

ـ والتدسيم: التسويد،أراد: سودوا ذلك الموضع من ذقنه، ليرد العين. ( زاد الميعاد 4/173 )



2ـ قراءة فاتحة الكتاب وآية الكرسي:

فقد أخرج الديملي عن عمران بن حصين أن النبي r قال:" فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرأهما عبد في دار فتصبهم في ذلك اليوم عين إنس أو جن "







3ـ قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين:

عن عبد الله بن حبيب(رضى الله عنه) قال: قال رسول الله
: " اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسى وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء "( أحمد والترمذي والنسائي )

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ: "أن رسول الله
كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ فيهما: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات "

( الشيخان )

عن عقبة أن النبي
قال:" يا عقبة . ألا أعلمك خير سورتين قرئتا: قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس . يا عقبة. اقرأهما كلما نمت وقمت ما سأل سائل ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما " ( أحمد والنسائي والحاكم )

4ـ المحافظة على أذكار الصباح والمساء:



5ـ الرقية بهذا التعوذ الذي كان يعوذ به النبي
الحسن والحسين:

فقد أخرج البخاري من حديث ابن عباس – رضي لله عنهما – قال:

"كان رسول الله r يُعَوِّذ الحسن والحسين يقول: أعيذكما بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة ومن كل عين لامّة، ويقول: كان أبوكم إبراهيم يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق" .

ـ لامّة: جامعة للشر













ثانيا:علاج الإصابة بالحسد أو العين بعد وقوعها:

ويتم ذلك عن طريق:الاغتسال، والرقية الشرعية .

أولا: الاغـتـســـال

إذا تأكدنا أن أحد الناس حسد آخر بالعين، فإننا نطلب من الحاسد أن يتوضأ في إناء، ثم نأخذ هذا الماء ونصبه على رأس وظهر المحسود من خلفه فيبرأ بإذن الله تعالى

فقد أخرج الإمام أحمد والنسائي وابن ماجة بسند صحيح صححه الألباني في صحيح الجامع (3908) من حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال:

" اغتسل أبي سهل بن حنيف بالخَرَّار(واد من أودية المدينة قرب الجحفة .)فنزع جبة كانت عليه وعامر بن ربيعة ينظر إليه، وكان سهل شديد البياض، حسن الجلد، فقال عامر: ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبَّأة عذراء(أي: فتاة مختبئة في خدرها)فوَعِك (أي: أصيب بمغص شديد)سهل مكانه واشتد وعكه، فأخبر رسول الله rبوعْكِه فقيل له: ما يرفع رأسه، فقال: هل تتهمون له أحداً ؟ قالوا: عامر بن ربيعة، فدعاه رسول الله
، فتغيظ عليه فقال: " علام يقتل أحدكم أخاه، ألا برَّكْت (ألا برَّكْت: أي: دعوت بالبركة)، اغْتَسِل له " فغسل عامر وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب عليه من ورائه فبرأ سهل من ساعته "

وفي رواية أخرى عندأحمد في سنده: فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم صب ذلك الماء عليه، يصبه رجلٌ على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفيء القدح وراءه ففعل ذلك، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .

وفي رواية عن أحمد وهي في صحيح الجامع (1/212): " إذا رأى أحدكم من أخيه أو نفسه أو من ماله ما يعجبه فليدع بالبركة فإن العين حق "





وأخرجه أيضاً الإمام مالك في موطئه والنسائي في سننه عن أبي أمامة (سعد بن سهل بن حنيف) قال: مر عامر بن ربيعة بسهل بن حنيف وهو يغتسل فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبَّأة، فما لبث أن لُبِطَ به ( أي: سقط ) فأتى به رسول الله
فقيل له: أدرك سهلا صريعاً، قال: من تتهمون به ؟ قالوا: عامر بن ربيعة . قال : " علام يقتل أحدكم أخاه ؟ إذا رأى أحدكم ما يعجبه فليدع له بالبركة، ثم دعا بماء فأمر عامراً أن يتوضأ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين وركبتيه وداخلة إزاره وأمره أن يصب عليه" .

قال سفيان: قال معمر عن الزهري: وأمر أن يكفأ الإناء من خلفه .

فانظر ـ حفظك الله – إلى هذا الحديث لتعلم خطورة العين


ففي قول النبي
:" علام يقتل أحدكم أخاه "

دليل على أن شر العين عظيم وربما بلغ بها بالجناية حد القتل، فتدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر كما مر بنا في الحديث .



صـفـة الاغـتـســال:

قال ابن شهاب الزُهَري ـ رحمه الله تعالى ـ:الغسل الذي أدركنا علماءنا يصفونه: أن يؤتى للرجل العائن بقدح فيدخل كفه فيه فيمضمض، ثم يمُجَّه في القدح، ثم يغسل وجهه في القدح، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على كفه اليمنى في القدح، ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على كفه اليسرى صبة واحدة، ثم يدخل يده اليسرى فيصب على مرفقه الأيمن، ثم يدخل يده اليمنى فيصب على مرفقه الأيسر، ثم يدخل اليسرى فيصب بهل على قدمه اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى فيصب بها على قدمه الأيسر، ثم يدخل يده اليسرى فيصب بها على ركبته اليمنى، ثم يدخل يده اليمنى ويصب بها على ركبته اليسرى، كل ذلك في قدح، ثم يدخل داخلة إزاره في القدح ولا يوضع القدح في الأرض، فيُصَبُّ على رأس الرجل الذي أصيب بالعين من خلفه صبة واحدة. أهـ ( السنن للبيهقى 9/252 )

واختُلِف في داخلة الإزار، فقيل: المراد موضعه من الجسد، وقيل: المراد مذاكيره

وقيل: المراد وركه إذ هو معقد الإزار .


قال القاضي ابن العربي ـ رحمه الله ـ:الظاهر والأقوى بل الحق أنه ما يلي الجسد من الإزار . ( عارضة الأحوذى 8/217 )

قال المازرى ـ رحمه الله ـ: وصفة وضوء العائن عند العلماء، أن يؤتى بقدح ماء ولا يوضع القدح في الأرض،فيأخذ منه غرفة فيتمضمض بها ثم يَمُجَّها في القدح، ثم يأخذ منه ماء يغسل وجهه ثم يأخذ بشماله ماء يغسل به كفه اليمنى، ثم بيمينه ماء يغسل به مرفقه الأيسر، ولا يغسل ما بين المرفقين والكعبين، ثم يغسل قدمه اليمنى ثم اليسرى على الصفة المتقدمة، وكل ذلك في القدح ثم داخلة إزاره (الإزار: ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن ( المعجم الوسيط ))، وهو الطرف المتدلي الذي يلي حقوه (الحقْو: موضع شد الإزار – كذا في النهاية ) الأيمن .

وقد ظن بعضهم أن داخلة الإزار كناية عن الفرج، وجمهور العلماء على ما قدمناه، فإذا استكمل هذا صبه من خلفه على رأسه، قال:وقد اختلف العلماء في العائن، هل يجبرعلى الوضوء للمعين أم لا ؟ واحتج من أوجبه بقوله
في رواية مسلم هذه: "وإذا استغسلتم فاغسلوا " وبرواية الموطأ التي ذكرناها: "أنه أمر بالوضوء"والأمر للوجوب.

وقال المازري أيضاً: والصحيح عندي الوجوب، ويبعد الخلاف فيه إذا خشي على المعين الهلاك، وكان وضوء العائن مما جرت العادة بالبرء به،أو كان الشرع أخبر به خبراً عاماً، ولم يكن زوال الهلاك إلا بوضوء العائن فإنه يصير من باب من تعين عليه إحياء نفس مشرفة على الهلاك، وقد تقرر أنه يجبر على بذل الطعام للمضطر فهذا أولى، وبهذا التقرير يرتفع الخلاف فيه. أهـ

قال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ: بعد أن ذكر قول المازرى السابق: بقي من تفسير هذا الغسل على قول الجمهور، وما فسره به الزهري وأخبر أنه أدرك العلماء يصفوفه واستحسنه علماؤنا،ومضى به العمل أن غسل العائن وجهه إنما هو صبه وأخذه بيده اليمنى، وكذلك باقي أعضائه إنما هو صبه صبة على ذلك الوضوء في القدح ليس على صفة غسل الأعضاء في الوضوء وغيره، وكذلك غسل داخلة الإزار إنما هو إدخاله وغمسه في القدح، ثم يقوم الذي في يده القدح فيصبه على رأس المعين من ورائه على جميع جسده . ثم يكفأ القدح وراءه على ظهر الأرض .

وقيل: يستغفله بذلك عند صبه عليه، هذه رواية ابن أبي ذئب، وقد جاء عن ابن شهاب من رواية عقيل مثل هذا،إلا أن فيه الابتداء بغسل الوجه قبل المضمضة، وفيه في غسل القدمين أنه لا يغسل جميعهما وإنما قال: ثم يفعل مثل ذلك في طرف قدمه اليمنى من عند أصول أصابعه واليسرى كذلك، وداخلة الإزار هنا المئزر، والمراد بداخلته ما يلي الجسد منه، وقيل: المراد موضعه من الجسد، وقيل: المراد مذاكيره كما يقال: عفيف الإزار أي: الفرج، وقيل: المراد وركه إذ هو معقد الإزار،وقد جاء في حديث سهل بن حنيف من رواية مالك في صفته أنه قال للعائن: اغتسل له، فغسل وجهه ويديه، ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه . وداخلة إزاره، وفي رواية: فغسل وجهه وظاهركفيه ومرفقيه، وغسل صدره وداخلة إزاره وركبتيه وأطراف قدميه ظاهرهما في الإناء وقال: وحسبته قال: وأمر فحسا منه حسوات . والله أعلم . ( شرح النووي على صحيح مسلم (7/394)



اعتراض على طريقة الاغتسال والرد عليه:اعترض بعض المبتعدين عن الهدى النبوي على كيفية الاغتسال بدعوى أنها غير معقولة !

وقد أجاب المازرى عليهم بقوله: وهذا المعنى ( أي: معنى الاغتسال ) لا يمكن تعليله ومعرفة وجهه، وليس في قوة العقل الاطلاع على أسرار جميع المعلومات، فلا يدفع هذا بأن لا يعقل معناه ( شرح النووي على صحيح مسلم 7/394 )

وقال ابن العربي:إن توقف فيه متشرع قلنا له: قل الله ورسوله أعلم، وقد عضدته التجربة وصدقته المعاينة،أو متفلس فالرد عليه أظهر لأن عنده أن الأدوية تفعل بقواها، وقد تفعل بمعنى لا يدرك، ويسمون ما هذا سبيله الخواص .

وقال ابن القيم:هذه الكيفية لا ينتفع بها من أنكرها ولا من سخر منها ولا من شك فيها أو فعلها مجرياً غير معتقد، وإذا كان في الطبيعة خواص لا يعرف الأطباء عللها، بل هي عندهم خارجة عن القياس وإنما تفعل بالخاصية، فما الذي تنكر جهلتهم من الخواص الشرعية ؟ هذا مع أن في المعالجة بالاغتسال مناسبة لا تأباها العقول الصحيحة، فهذا ترياق سم الحية يؤخذ من لحمها، وهذا علاج النفس الغضبية توضع اليد على بدن الغضبان فيسكن . فكأن أثر تلك العين كشعلة نار وقعت على جسد، ففي الاغتسال إطفاء لتلك الشعلة، ثم لما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرقيقة من الجسد لشدة النفوذ فيها، ولا شيء أرق من المغابن، فكان في غسلها إبطال لعملها، ولاسيما أن للأرواح الشيطانية في تلك المواضع اختصاصاً، وفيه أيضاً وصول أثر الغسل إلى القلب من أرق المواضع وأسرعها نفاذاً، فتطفيء تلك النار التي أثرتها العين بهذا الماء . ( فتح الباري 10/215 )











متى نفعل الاغتسال ؟

قال الحافظ بن حجر: هذا الغسل ينفع بعد استحكام النظرة، فأما عند الإصابة وقبل الاستحكام فقد أرشد الشارع إلى ما يدفعه بقوله في قصة سهل بن حنيف المذكورة كما مضى: " ألا برَّكت عليه "وفي رواية ابن ماجة: " فليدع بالبركة " ومثله عند ابن السني من حديث عامر بن ربيعة، وأخرج البزار وابن السني من حديث أنس(رضى الله عنه)عن النبي قال :" من رأى شيئاً فأعجبه فقال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، لم يضره " .

وفي الحديث من الفوائد أيضاً: أن العائن إذا عُرف يُقضى عليه الاغتسال، وأن الاغتسال من النشرة النافعة، وأن العين تكون مع الإعجاب ولو بغير حسد، ولو من الرجل المحب، ومن الرجل الصالح، وأن الذي يعجبه الشيء ينبغي أن يبادر إلى الدعاء للذي يعجبه بالبركة، ويكون ذلك رقية منه، وأن الماء المستعمل طاهر، وفيه جواز الاغتسال بالفضاء . وأن الإصابة بالعين قد تقتل. (فتح الباري)



ويتبين من خلال الحديث السابق مشروعية الوضوء أو الاغتسال من العائن للمعين .

فقد أخرج الإمام مالك في الموطأ ( 2/938 ) أن النبي قال لعامر بن ربيعة:" العين حق توضأ له "

عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:كان يؤمر العائن فيتوضأ، ثم يغتسل منه المعين "( أخرجه أبو داود في الطب (3880) باب ما جاء في العين )

وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي قال: " العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا اسْتُغْسِلْتم فاغتسلوا "

( رواه مسلم في السلامة (5666) باب الطب والمرض والرقى )

قال النبي :" العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين، وإذا اسْتُغْسِل أحدكم فليغسل "( أخرجه مسلم (5/32)

وعلى هذا لو طلب منك شخص أن تستغسل له فافعل طلباً للسنة،ولا تفعل كما يفعل البعض من التغيظ ويقول في غضب: أنا لم أحسد أحداً ولم أصبه بعين ولن أغتسل، لا . بل الواجب أن تفعل وتغتسل له إن طلب منك ذلك، فإن الرجل يكون صالحاً ويصيب بالعين إذا رأى ما يعجبه ولم يبرك، كما كان من عامر بن ربيعة وهو صحابي جليل، واعلم أن استجابتك لأخيك يطيب نفسه وخاطره، وتدفع عنه الغيبة التي قد تقع منه في حال رفضك، وفي استجابتك لطلب أخيك برهان للقيام بواجب الأخوة،فرسول الله وصف المؤمنين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .

كيف يعالج الحاسد أو العائن نفسه ؟

ويستحب للمسلم إذا رأى شيئاً فأعجبه أن يبرك عليه، بمعنى:أن يدعو بالبركة سواء كان هذا الشيء له أو لغيره .

لقول النبي r في حديث سهل بن حنيف (رضى الله عنه) :" ألا برَّكت عليه "

أي: ألا دعوت له بالبركة فإن هذا الدعاء يمنع تأثير العين .( رواه البخاري في كتاب الطب، باب دعاء العائد للمريض، ومسلم في كتاب السلام باب استحباب رقية المريض )

وعلى هذا كل من يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين أن يقول:

اللهم بارك عليه، أو: اللهم بارك فيه



كما قال النبي
لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف ـ رضي الله عنهما ـ

كما عند الإمام أحمد وهي في صحيح الجامع (1/212):


"إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليدع بالبركة فإن العين حق "



ومما يدفع به أيضاً إصابة العين قول:"ما شاء الله لا قوة إلا بالله"،

روى هشام بن عروة عن أبيه:أنه كان إذا رأى شيئاً يعجبه، أو دخل حائطاً من حيطانه قال: ما شاء الله، ولا قوة إلا بالله .



وهذا نحو قوله تعالى:{ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً }( الكهف: 39 )













ثانيا: الرقية الشرعية

وقد شرع لنا النبي
الرقية من العين والحسد

فقد أخرج الإمام مسلم عن أنس بن مالك (رضى الله عنه) قال:"رَخَّصَ رسول الله
في الرقية من العين والحمة والنملة "

ـ الحمَة : بالتخفيف اسم يطلق على إبرة العقرب للمجاورة؛ لأن السم يخرج منها، وكل لدغة فيها سم كلدغة الحية والعقرب وغيرهما .

ـ النملة : قروح تخرج في الجنب (النهاية لابن الأثير (5/120)



وأخرج البخاري ومسلم عن أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أن رسول الله
قال لجارية في بيتها رأى في وجهها سَفْعَة:" بها نظرة، اسْترقُوا لها "

( البخاري:10/171، ومسلم 97 )

ـ سَفْعَة: علامة من الشيطان، وقيل ضربة واحدة منه، أي: بقعة سوداء أو صفراء في وجهها .

وقال الفرَّاء:قوله: سَفْعَة:أي نظرة من الجن .

وأخرج الإمام مسلم عن جابر(رضى الله عنه) قال:" رخَّص رسول الله
لآل حزم في رقية الحيَّة، وقال لأسماء بنت عميس: " مالي أرى أجسام بنى أخي ضارعة – نحيفة – يصيبهم الحاجة ؟ قالت: لا، ولكن العين تسرع إليهم، فقال: " ارقيهم "، فعرضت عليه، فقال: " ارقيهم "

وفي رواية عن الترمذي (2059) وأحمد (6/438) وابن ماجة (3510) عن أسماء بنت عميس ـ رضي الله عنها ـ أنها قالت:"يا رسول الله، إن ولد جعفر تسرع إليهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال: نعم، فلو كان شيء يسبق القضاء لسبقته العين "

وفي صحيح البخاري ومسلم من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت:

"كان رسول الله
يأمر أن أسترقى من العين "

قال الحافظ في الفتح (10/211):أي: يطلب الرقية ممن يعرف الرقى بسبب العين، وفي الحديث"مشروعية الرقية لمن أصابه العين " . أ هـ

وفي رواية:" كان رسول الله rيأمرني أن أسترقي من العين"

(رواه البخاري في الطب(5738) باب رقية العين، ومسلم في السلامة(5686) باب استحباب الرقية من العين والنملة والحُمَّة والنظرة)

ملحوظة:

الرقية الشرعية لابد أن تتوافر فيها ثلاث شروط:

1ـ أن تكون بكلام الله تعالى أو بأسمائه وصفاته .

2ـ أن تكون باللسان العربي

3ـ وأن يعتقد أن الرقي لا تؤثر بذاتها،بل بتقدير الله تعالى

ومن الرقى الشرعية:-

1) قراءة سورة الإخلاص والفلق والناس:

وهذا ثابت عن النبي
.( صحيح ابن ماجة 2830 )

تنبيه:

مر بنا أن سورة الإخلاص والمعوذتين من سُبل الوقاية من العين ( أي قبل وقوعِها ) وكذلك فهي علاج من هذا المرض إذا وقع واستمكن.



2) كذلك ترقي المصاب بقولك:باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أوعين حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك.

فقد أخرج الإمام مسلم(5664) باب الطب والمرضى والرقي عن أبي سعيد الخدري (رضى الله عنه):"أن جبريل أتى النبي
فقال: يا محمد اشتكيت؟ فقال: نعم، قال: باسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، باسم الله أرقيك".

قال النووي: قوله: "بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد"

هذا تصريح بالرقى بأسماء الله تعالي، وفيه توكيد الرقية والدعاء وتكريره،وقوله: "من شر كل نفس"

قيل: يحتمل أن المراد بالنفس نفس الآدمي، وقيل يحتمل أن المراد بها العين.

فإن النفس تطلق علي العين، ويُقال: رجل نفوس إذا كان يصيب الناس بعينه.


كما قال في الرواية الأخرى: " من كل شر كل ذي عين "

ويكون قوله:" أوعين حاسد" من باب التوكيد بلفظ مختلف، أو شكاً من الراوي في لفظه والله أعلم. ( شرح النووي على صحيح مسلم: 7/393 )



3) ومن الرقى كذلك أن تقول:

" بسم الله يُبريك، ومن كل داءٍ يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد وشر كل ذي عين "

فقد أخرج الإمام مسلم في السلامة ( 5986 ) باب الطب والمرضى والرقي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: كان إذا اشتكى رسول الله
رقاه جبريل، قال: بسم الله يُبْريك، ومن كل داءٍ يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين "



4) ومن الرقى كذلك:

"اللهم ربَّ الناسٍ أذهِبِ البأسَ واشْفِ أنتَ الشافي لا شِفاءَ إلا شفاؤك شفاءً لا يُغادِرُ سَقَماً "(رواه البخاري في كتاب الطب باب دعاء العائد للمريض، ومسلم في كتاب السلامة باب استحباب رقية المريض)



5) ومن الرقى كذلك والتي تجدي بعد الإصابة بالعين:

" أُعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة ومن كل عَين لامّة

فقد أخرج البخاري من حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:

كان رسول الله
يُعَوِّذ الحسن والحسين يقول: أُعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامّة (هَامَّة: واحدة الهوام وهي الحيات وكل ذي سُمٍّ يُقتل , فأما ما لا يُقتل ويَسُم فهو السَّوام ووحدها سامَّه كالعقرب والزنبور وقد تقع الهوام على كل ما يُدبُّ من الحيوان.) ومن كل عين لامة (لامَّة: واللامة ذاتُ اللَّمَم , والعين اللاَّمة هي التي تُصيبُ بسوء.) ويقول: كان أبوكم (أبوكم: أي إبراهيم كما في الحديث لأنه أبو العرب.) إبراهيم يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق"

وذكر ابن كثير ـ رحمه الله ـ أن جبريل ـ عليه السلام ـ أمر النبي
أن يعيذ الحسن والحسين بهذه الكلمات قال: " قل اللهم ذا السلطان العظيم والمن القديم وذا الوجه الكريم ولي الكلمات التامات والدعوات المستجيبات ـ عافِ الحسن والحسين من أنفس الجن وأعين الإنس". فقالهما النبي فقاما يلعبان بين يديه فقال النبي : "عوذوا أنفسكم ونساءكم وأولادكم بهذا التعوذ فإنه لم يتعوذ المتعوذين بمثله"ابن كثير (4/411)

6) ومن الرقى النافعة كذلك:

أن يرقي المريض نفسه، فينبغي أن يقرأ على نفسه الفاتحة، وقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، وينفث في يديه ويمسح بها جسده،لفعل النبي
ذلك كما ثبت في صحيح مسلم وغيره: أن عائشةـ رضي الله عنها ـ قالت: كان رسول الله إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه، جعلت أنفث(والنفث: هو نفخ لطيف بلا ريق.)عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها أعظم بركه من يدي "



7) الإكثار من الدعاء وخصوصاً في أوقات الإجابة:

قال تعالي: {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ }(النمل:62)



8) المحافظة على الصلوات المفروضة جماعة في المساجد، والإكثار من الاستغفار وتلاوة القرآن ونوافل الصلوات، والصيام والصدقات، والأذكار الثابتة عن النبي


وهذا كله من الأدوية النافعة بإذن الله تعالي من العين والحسد.

ولابد أن يلاحظ:

1-أنه يمكن أن يعالج الإنسان نفسه أو يعالجه آخر بالرقية الشرعية.

2- لا علاج للحسد أو العين أو بالرجوع للكتاب والسنة.

3- أن هذه الرقية الشرعية لا تأثير لها إلا بإذن الله.



يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ:

إن الآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها هي في نفسها نافعة شافية؛ لكن تستند عن قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل أو لعدم قبول المحل المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء، كما يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء.

وقد يكون المانع قوي يمنع من اقتفائه أثره، فإن الطبيعة إذا أخذت الدواء بقبول تام كان البدن به بحسب ذلك القبول، وكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام وكان الدواء في نفس فعالة وهمة مؤثره أثر في إزالة الداء .



وكذلك الدعاء فإنه من أقوى الأسباب في رفع المكروه وحصول المطلوب، ولكن قد يتخلف أثره عنه إما لضعفه في نفسه بأن يكون دعاء لا يجيبه الله لما فيه من العدوان ـ كأن يدعوا إنسان على إنسان بما فيه ضررـ وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء، وإما لحصول المانع من الإجابة ـ من أكل الحرام والظلم ورين الذنوب على القلب، واستيلاء الغفلة والسهو واللهو.

وقد أخرج الحاكم بسنده أن النبي
قال:" اعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافل لاهٍ "( السلسلة الصحيحة:594)

9ـ وهناك رقى ذكرها ابن القيم ـ رحمه الله ـ في زاد الميعاد بقطع النظر عن صحتها أو ضعفها، لكنها تقال من باب قول النبي :

" لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك "

والحديث أخرجه الإمام مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي(رضى الله عنه)قال:

"كنا نرقى في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك ؟ قال: اعرضوا عليّ رُقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك " .

وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: فمن التعوذات والرقى:

الإكثار من قراءة المعوذتين وفاتحة الكتاب وآية الكرسي، ومنها التعوذات النبوية:

نحو: أعوذ بكلمات الله التامّات من شر ما خلق



ونحو: أعوذ بكلمات الله التامّة من كل شيطان وهامّة، ومن كل عين لامّة .



ونحو:أعوذ بكلمات الله التامّات التي لا يجاوزهن برٌ ولا فاجرٌ، من شر ما خلق وذرأ وبرأ(برأ: في أسماء الله تعالى ( الباريء ) هو الذي خلق الخلق لا عن مثال، ولهذه اللفظة في الاختصاص بخلق الحيوان ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل في غير الحيوان، فيقال: برأ الله النسمة وخلق الله السماوات والأرض – كذا في النهاية،وفي المعجم الوسيط: ذرأ بمعنى خلق .) ومن شر ما ينزل من السماء ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر طوارق الليل إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن .



ومنها:أعوذ بكلمات الله التامّة من غضبه وعقابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون .



ومنها: أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلماته التامات التي لا يجاوزهن برٌ ولا فاجرٌ، وأسماء الله الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم، من شر ما خلق وذرأ وبرأ، إن ربى على صراط مستقيم .



ومنها:اللهم أنت ربى لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، لا حول ولا قوة إلا بالله، أعلم أن الله على كل شيء قدير، وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً، اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، ومن شر كل دابة أنت آخذ بناصيتها إن ربى على صراط مستقيم .



وإن شاء قال: تحصنت بالله الذي لا إله إلا هو إلهي وإله كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا الله، حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الرب من العباد، حسبي الخالق من المخلوق، حسبي الرازق من المرزوق، حسبي الذي هو حسبي، حسبي الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يُجار عليه، حسبي الله وكفى، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مرمى، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .



ومَن جرّب هذه الدعوات والعُوذ عرف مقدار منفعتها وشدة الحاجة إليها، وهي تمنع وصول أثر العائن وتدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان قائلها، وقوة نفسه واستعداده وقوة توكله وثبات قلبه، فإنها سلاح والسلاح بضاربه .

ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن ثم يشربها، قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة، ويذكر عن ابن عباس: أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسَّرت عليها ولادتها أثر من القرآن ثم يغسل وتسقى، وقال أبو أيوب: رأيت أبا قلابة كتب كتاباً من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلاً كان به وجع . (زاد الميعاد باختصار)







وأخيراً:

اسأل الله تعالى لي ولكم الجنة حيث لا حقد ولا غل ولا حسد .

فالدنيا تضيق على المتزاحمين لذا يقع التحاسد بينهم، وأما الأتقياء الأنقياء فليس في قلوبهم غلٌ ولا حسدٌلأحد،كما وصفهم ربنا ـ سبحانه وتعالى ـ في كتابه يقول:
{وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا }

(الحشر:10)

ـ غلاً: أي:حقداً وحسداً



وهكذا حالهم في الجنة كما وصفهم النبي


فقد أخرج البخاري ومسلم أن النبي
قال في شأن أهل الجنة:

" لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد يسبحون الله بكرة وعشية "

فأهل الجنة بُرءَاء من الحسد في الدنيا والآخرة .

وحيثإن الدنيا تضيق على أهلها؛لأنهم يتزاحمون عليها فيقع الحسد بينهم، أما الجنة فلا حسد فيها؛ لأنه لا مضايقة فيها ولا مزاحمة .

ومثال ذلك أنك ترى الناس لا يتحاسدون على النظر إلى زينة السماء، ويتحاسدون على رؤية البساتين التي هي جزء يسير من الأرض، وكل الأرض لا وزن لها بالإضافة إلى السماء ولِسِعَة السماء فهي وافية بجميع الأبصار لذا لا تزاحم ولا تحاسد وكذا الجنة



فقد أخرج مسلم في صحيحه أن النبي
قال:" إن الله ـ عز وجل ـ يقول لأدنى أهل الجنة منزلة: أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول: رضيت رب، فيقول: لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله، فقال في الخامسة: رضيت رب، فيقول: هذا لك وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينيك فيقول: رضيت رب "

فعليك إن كنت بصيراً وعلى نفسك مشفقاً أن تطلب جنة لا مزاحمة فيها ولذة لا كدر لها .


يتبع






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الاسلام
مشرفة المنتدى
مشرفة المنتدى
بنت الاسلام


الجنس الجنس : انثى
الجنسية الجنسية : لبنان
المزاج المزاج : قلب سعيد
عدد المساهمات عدد المساهمات : 699
السٌّمعَة السٌّمعَة : 1
نقاط نقاط : 6753
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : opera

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:31 am







_أسْــبــابُ الــحـَـسَـد_





للحسد عدة أسباب ذكرها الإمام الغزالي في كتابه الإحياء (3/256)وهي:

1-العداوة والبغضاء:

وهذا أشد أسباب الحسد فإن مَن آذاه شخص بسبب من الأسباب، وخالفه في غرضه بوجه من الوجوه، أبغضه وقلاه وترسخ في قلبه الحقد ثم الحسد .

2-الـتعـزز:

وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه غيره فإن أصاب بعض أمثاله ولاية أو علماً أو مالاً، خاف أن يتكبر عليه وهو لا يطيق تكبره ولا تسمح نفسه باحتمال ذلك، كقول الوليد بن المغيرة لرسول الله : لو كانت النبوة حقا لكنت أولى بها منك لأني أكبر منك سناً وأكثر منك مالاً .

3- الكِـبْـر:

وهو أن يكون في طبعه أن يتكبر عليه ويستصغره ويستخدمه ويتوقع منه الانقياد له والمتابعة في أغراضه، فإذا نال نعمة رفعت من شأنه نشأ الحسد في قلب المتكبر،كما حكى القرآن عن قوم فرعون:{ ثُمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ{45} إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْماً عَالِينَ{46} فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}( المؤمنون:45ـ47 )

وكذلك كان الكِبْرُ سبباً في حسد كفار مكة للنبي حيث قالوا: يتيم أبي طالب يزعم أنه نبي.

وحكى القرآن عنهم:{وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ }(الزخرف:31)

أي: لا يثقل علينا أن نتواضع له ونتبعه إذا كان عظيماً

وكذلك حكى الله ـ عز وجل ـ قولهم:{وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواأَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً } (الفرقان:41)

وقال تعالى يصف قول قريش:{ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا} (الأنعام:53)

كالاستحقار لهم والإنفة منهم

وها هو عمرو بن هشام( أبو جهل ) يعلل كفره برسالة النبي فيقول:زاحمنا بني عبد مناف في الشرف، حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يوحى إليه، والله لا نؤمن ولا نتبعه إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه .

4- الـتَّـعَـجُـب:

التعجب من أن يميز عليه من هو مثله فيرتفع عليه، وهذا هو سبب كفر كثير من الأمم،حيث يحكي القرآن عنهم: {قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ } (يس:15)

فتعجبوا من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي والقرب من الله تعالى بشر مثلهم، فحسدوهم وأحبوا زوال النبوة عنهم جزعاً أن ُيفضل عليهم فقال تعالى: {أَوَعَجِبْتُمْ أَن جَاءكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِّنكُم}(الأعراف:63)

وقال الله تعالى قولهم:{وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } (المؤمنون:34)

{ قَالُواْ أَبَعَثَ اللّهُ بَشَراً رَّسُولاً }(الإسراء:94)

{وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءنَا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْ عُتُوّاً كَبِيراً } (الفرقان:21)

5-الخوف من فوت المقاصد:

وذلك يختص بمتزاحمين على مقصود واحد يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عوناًله في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الجنس تحاسد الضُرَّات في التزاحم على مقاصد الزوجية، وتحاسد الأخوة في التزاحم على نيل المنزلة في قلب الأبوين؛ للتوصل به إلى مقاصد الكرامة والمال .

كما حدث مع إخوة يوسف في تنازعهم على حب أبيهم:{ إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ }(يوسف:8)

فدفعهم ذلك إلى التفكير في قتل يوسف أو إبعاده عن أبيه بأي وسيلة .

فدافع الحسد هو المشاركة بين المتنافسين.

يقول شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ: وحسد النساء بعضهن لبعض كثير غالب، لاسيما المتزوجات بزوج واحد،فإن المرأة تغار على زوجها لحَظِها منه، فانه بسبب المشاركة يفوت بعض حظها.

وهكذا الحسد يقع كثيراً بين المتشاركين في رئاسة أو مال، إذا أخذ بعضهم قسطا من ذلك وفات الأخر، ويكون بين النظراء لكراهة أحدهم أن يفضل الأخر عليه كحسد إخوة يوسف، وكحسد ابني آدم أحدهما لأخيه، فإنه حسده على ما فضله الله به من الإيمان والتقوى، كحسد اليهود للمسلمين وقتله على ذلك ولهذا قيل: أول ذنب عُصي الله به ثلاثة: الحرص، والكبر، والحسد، فالحرص من آدم، والكبر من إبليس، والحسد من قابيل حيث قتل هابيل . ( الفتاوى:10/125ـ 126)



6- حُـب الـرِيَــاسـة:

حب الرياسة وطلب الجاه لنفسه من غير توصل به إلى المقصود، وذلك كالرجل الذي يريد أن يكون عديم النظير في فن من الفنون إذا غلب عليه حب الثناء واستفزه الفرح بما يمدح به من أنه واحد الدهر وفريد العصر في فنه، وأنه لا نظير له، فإنه لو سمع بنظير له في أقصى العالم لساءه ذلك وأحب موته، أو علم عبادة أو صناعة أو جمالاًأو ثروة أو غير ذلك مما يتفرد به، ويفرح بسبب تفرده، وليس السبب في هذا عداوة ولا تعززاً ولا تكبراً على المحسود، ولا خوفا من فوات المقصود سوى محض الرياسة بدعوى الانفراد .وهذا وراء ما بين أحاد العلماء من طلب الجاه والمنزلة في قلوب الناس للتوصل إلى مقاصد سوى الرياسة، وقد كان علماء اليهود ينكرون معرفة رسول الله ولا يؤمنون به خيفة من أن تبطل رياستهم واستتباعهم .

وكان ابن سيرين ـ رحمه الله ـ يقول:

" ما حسدت أحدا أبداً على شيء من أمور الدنيا، ذلك أنه مهما أوتي من الدنيا فلو كان مصيره الجنة فكيف أحسده على الدنيا وهى حقيرة في الجنة ؟ وإن كان مصيره إلى النار فكيف أحسده على الدنيا وهو صائر إلى النار ؟

7- الـشُـح والبُـخـل:

ومن الأمراض التي تعين على الحسد أيضاً الشح والبخل، فإن البخيل إذا منع نفسه ظهرت نعمة الغير، فعندئذ يقع في الحسد، والحسد ظلم للغير، والشح ظلم النفس.

يقول شيخ الإسلام:والشح مرض،والبخل مرض، والحسد شر من البخل

كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن النبي أنه قال: " الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، والصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار" ضعيف ... ( أخرجه أبو داوود وغيره )

وذلك أن البخيل يمنع نفسه، والحسود يكره نعمة الله على عباده، وقد يكون في الرجل إعطاء لمن يعينه على أغراضه وحسد لنظرائه، وقد يكون فيه بخل بلا حسد لغيره والشح أصل ذلك.

قال تعالى:{ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }(التغابن:16)

وفي الصحيحين عن النبي أنه قال:"إياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم أمرهم بالبخل، وأمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا "

وكان عبد الرحمن بن عوف يكثر من الدعاء في طوافه يقول:

" اللهم قني شح نفسي، فقال له رجل: ما أكثر ما تدعو بهذا، فقال: إذا وقيت شح نفسي، وقيت الشح والظلم والقطيعة " . والحسد يوجب الظلم . أهـ

فإنك تجد من لا يشتغل برياسة وتكبر ولا طلب مال إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله تعالى فيما أنعم الله عليه، يشق ذلك عليه، وإذا وصف له اضطراب أمور الناس وإدبارهم وفوات مقاصدهم وتنقص عيشهم فرح به، فهو أبداً يحب الإدبار لغيره، ويبخل بنعمة الله على عباده، كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزائنه،وصدق ربنا حيث قال:

{قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً } (الإسراء:100)

وكما قيل: البخيل من يبخل بمال نفسه، والشحيح هو الذي يبخل بمال غيره،والحسود يبخل بنعمة الله تعالى على عباده الذين ليس بينه وبينهم عداوة ولا رابط، وهذا ليس له سبب ظاهر إلا خبث في النفس ورذالة في الطبع أصبحت جبلة عنده يصعب علاجها؛ لأن أنواع الحسد السابقة أسبابها عارضة، أما هذا النوع فهو في الجبلة لا عن سبب عارض فيستحيل في العادة إزالته .

8 ـ السيادة والنعمة الظاهرة بالعلم والمال:

العلم والمال يسودان الناس، والنفوس مجبولة على الانصياع لأمر العالم والمنفق .

والسيادة والنعمة الظاهرة تؤدى إلى أن يكون العالم والمنفق محسودين، إلا أن هذا الحسد إذا كان مع عدم تمني زوال النعمة، فهو لا بأس به كما سبق،وهذا التنافس والغبطة كما قال : " لا حسد إلا في اثنتين "ثم ذكر العالم المعلم للحكمة، والمنفق بأوجه الخير .

يقول شيخ الإسلام( كما في مجموع الفتاوى:10/114ـ 116):

والنفوس لا تحسد من هو في تعب عظيم،فلهذا لم يذكره، وإن كان مجاهداً في سبيل الله أفضل من الذي ينفق المال، بخلاف المنفق والمعلم فإن هذين ليس لهم في العادة عدو من الخارج، فإن قدر أنهما لهما عدو يجاهدانه فذلك أفضل لدرجتهما،وكذلك لم يذكر النبي المصلي والصائم والحاج؛لأن هذه الأعمال لا يحصل منها في العادة من نفع الناس الذي يعظمون به الشخص ويسودونه ما يحصل بالتعليم والإنفاق .

والحسد في الأصل إنما يقع لما يحصل لتغير من السؤدد والرياسة، وإلا فالعامل لا يحسد في العادة، ولو كان تنعمه بالأكل والشرب والنكاح أكثر من غيره، بخلاف هذين النوعين فإنهما يحسدان كثيراً،ولهذا يوجد بين أهل العلم الذين لهم أتباع من الحسد ما لا يوجد فيمن ليس كذلك،وكذلك فيمن له أتباع بسبب إنفاق ماله، فهذا ينفع بقوت القلوب،وهذا ينفعهم بقوت الأبدان، والناس كلهم متحاجون إلى ما يصلحهم من هذا وهذا .

ولهذا ضرب الله ـ سبحانه وتعالى ـ مثلين: مثلا بهذا ومثلا بهذا فقال :

{ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ{75} وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }(النحل: 75،76)

والمثلان ضربهما الله ـ سبحانه وتعالى ـ لنفسه المقدسة ولما يعبد من دونه، فإن الأوثان لاتقدر لا على عمل ينفع،ولا على كلام ينفع، فإذا قدر عبد مملوك لا يقدر على شيء وآخر قد رزقه الله رزقاً حسناً فهو ينفق منه سراً وجهراً هل يستوي هذا المملوك العاجز عن الإحسان،وهذا القادر على الإحسان المحسن إلى الناس سراً وجهراً ؟ وهو سبحانه وتعالى قادر على الإحسان إلى عباده، وهو محسن إليهم دائماً، فكيف يشبه به العاجز المملوك الذي لا يقدر على شيء حتى يشرك به معه ؟ وهذا مثل الذي أعطاه الله مال فهو ينفق منه آناء الليل والنهار .

والمثل الثاني: إذا قدر شخصان أحدهما أبكم لا يعقل ولا يتكلم ولا يقدر على شيء،وهومع هذا كلٌّ على مولاه أينما يوجه لا يأت بخير، فليس فيه من نفع قط،بل هو كلٌّ على من يتولى أمره،وآخر عالم عادل يأمر بالعدل،ويعمل بالعدل،فهو على صراط مستقيم، وهذا نظير الذي أعطاه الله الحكمة فهو يعمل بها ويعلمها الناس،وقد ضرب ذلك مثلا لنفسه، فإنه سبحانه عالم عادل قادر يأمر بالعدل وهو قائم بالقسط على صراط مستقيم .

كما قال تعالى:{ شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }( آل عمران:18 )

وقال هود ـ عليه السلام ـ : { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}( هود: 56 )

من كلام شيخ الإسلام















الحسد كما هو حقيقة شرعية فهو حقيقة علمية

إن الله ـ تبارك وتعالى ـ ما ذكر شيئا في كتابه الكريم إلا وله شأن وحكم وحكمة، فالحسد جاء ذكره في القرآن وفي السنة النبوية الشريفة، وذلك يعنى أنه طبيعة قائمة في نفوس الناس الذين لا يتقون الله فيحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، وهذا من حيث الاعتقاد لا مراء فيه ولا جدال عليه، ولكن تُرى هل له من القطعيات العلمية اليقينية ما تؤكد مصداقية حدوثه وإنه حق .

قال ابن القيم( كما في التفسير القيم صـ573، والطب النبوي صـ231):

"أبطلت طائفة ممن قل نصيبهم من السمع والعقل أمر العين، وقالوا: إنما ذلك أوهام لا حقيقة لها، وهؤلاء من أجهل الناس بالسمع والعقل، ومن أغلظهم حجاباً وأكثفهم طباعاً وأبعدهم عن معرفة الأرواح والنفوس وأفعالها وتأثيراتها، وعقلاء الأمم على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره، وإن اختلفوا في سببه ووجهة تأثير العين، ثم قال: " وقد دلّ القرآن والسنة على أن نفس حسد الحاسد يؤذي المحسود " أهـ

مما لا ريب فيه ولا يختلف عليه إنس ولا جان بأن للإنسان روحاً تحكمه وتهيمن عليه، وهي سر حياته ونبض فؤاده وهذه الروح كالملائكة والجن لا تُرى وإن كانت مثلهم حقيقة لا خيالاً، وواقعاً لا محالاً، وهذه الروح تتأثر بروحانيات وأمور شتى ينتج عن ذلك تقلبات وتغيرات في الإنسان، فالحزن مثلاً شيء وجداني قد يصل به الأمر أن يدمر الإنسان إن استمر ودام، وكذلك السرور والفرح قد يؤثران على الإنسان بما يبهج حياته ويدعم صحته ويطيل في عمره بإذن اللهويحرك فيه طاقات وطاقات .

هكذا إن تسلط شيطان منطلق من عين حاسد يريد نشر الشر بين الناس ويتمنى زوال ما أنعم الله عليهم فإن ذلك الخفي الشرير إبليس يحدث اضطرابا في صاحب النعمة، أو في ذات النعمة فيُخرِّبها ويهلكها بقوة خفية تحركت باديء ذي بدء من هذا الحاسد المطيع للشيطان .

قال الدكتور فيكتور يوشيه:

" إن الحسد والغيرة والحقد أقطاب ثلاثة لشيء واحد، وإنها لآفات تنتج سموماً تضر بالصحة وتقضي على جانب كبير من الطاقة والحيوية اللازمتين للتفكير والعمل ".(القرآن والعلم للدكتور / عبد الرزاق نوفل صـ 28)

وفسَّر الفلاسفة والعلماءتلك الظواهر تفسيرات لن تبعد كثيرا عن أن الحسد آفة خفية تنفث سمومها في الواقع المادي في الحياة .



وقال الدكتور بيتر شتانيلرون:إن الحسد أشبه بساحرة لها ثلاثة رءوس:

أحدهما: الحسد، أما الاثنان الآخران فهما: الحقد والغيرة،وحيثما استشعرت في إنسان الحقد والغيرة فاعلم أن الحسد موجود فيه .(القرآن والعلم للدكتور / عبد الرزاق نوفل صـ 28)

ولقد أسمى العلماء ظاهرة الحسد من حيث العلمية البحتة ( كينيسيس أو كينتكس) وهي كلمة يونانية بمعنى تحريك الأشياء من على بُعد، وذلك بقدرات لدى بعض الأشخاص الذين يسموا بالحاسدين، الذين سيطر الشيطان على بصائرهم وأبصارهم مما يخرب كل شيء ينظرون إليه، وهم لا يحمدون الله ولا يشكرونه ويحقدون على الآخرين دون أن يباركوا لهم فينجم عن ذلك الحقد حسدا يحملشرارته الشيطان فيكون التمني من قبل الحاسد بزوال أو خراب النعمة، فيسرع الشيطان ليحدث الفتنة والكراهية، ولعن الحاسد لأنه عدوه وعدو كل إنسان وليخرب على المحسود فيجهز بيديه وبما يملك من قدرات شريرة فيتم التحطيم أو الإحراق أو السرقة أو المرض وكل أذى فجأة، ويكون الحاسد بمثابة الداعي، والشيطان بمثابة المستجيب والعياذ بالله .

وقد خطب الدكتور/ ران بجامعة ( كورتل ) في مجمع تقدم العلوم الأمريكي بمدينة ( سيراكويز ) فقال:

إنه في التجارب العلمية الدقيقة ثبت له فيها أن العين البشرية إذا حدقت في خلايا الخميرة تتلف؛ لأن أشعة خفية غير منظورة تنبعث منها، وتؤثر في الخلايا، كما تنبعث الأشعة فوق البنفسجية من بعض المصادر وتؤثر في النبات والحيوان على وجه معلوم .

(حقيقة الإنسان للدكتور/ عيسى عبده وأحمد إسماعيل يحيى ـ دار المعارف )

ولقد رأى بعض الناس رجلا ً إذا نظر للملاعق والشوك تنثني والعياذ بالله، بل كان إذا نظر لفازة زهور جميلة أسقطها فتتحطم من سر حسده وقوة عينيه،ومن المعلوم أن النظرة سهم من سهام إبليس،وهذه ليست ـ والله أعلم ـ كناية فقط عن طرق النظر للنساء، فلاشك أن ما يسمى الحب من أول نظرة هو سحر شيطاني نابع من وجدان الهوى الضال الزائغ .فقوة تأثير العين هي التي دفعت القلوب للحب الشيطاني، وهو مرض العشق، ولذا قالوا : نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء، لقاء على الحرام والغرام والهيام، فكانت البداية بداية الشر نظرة، إنها قوة العين الخطيرة التي هي بحق سهم من سهام إبليس يتم بها كذلك الحسد، وكأنها ترسل سهماً من نار، والمعلوم علميا في طب العيون أن العين لا ترى بذاتها، والدليل أننا في الظلام لا نرى، ولكن إذا انعكس على ما يُرى الضوء تلقت العُين الشيء الذي غمره النور فتعكس صورته في العين فترسل إشارة للعقل بالمنظر، فيدرك الإنسان ما يرى، يعني ذلك أن العين هي فوهة المدفع أو شاشة الردار التي تستقبل، ثم تقذف بحجم النفس الحاسدة قذائف الشيطان المدمرة .

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:فلله كم من قتيل، وكم من سليب، وكم من معافٍ، عاد مضني على فراشه؟

يقول طبيبه: لا أعلم داءه ما هو ؟ فصدق، ليس هذا الداء من علم الطبائع، فهذا من علم الأرواح وصفاتها وكيفياتها ومعرفة تأثيراتها في الأجسام والطبائع وانفعال الأجسام عنها، وهذا علم لا يعرفه إلا خواص الناسوالمحجوبون منكرون له )( التفسير لابن القيم صـ573)

وهذا هو واقع الناس ضحايا الحسد، إلا أن قوة القرآن ونور الإيمان والتمسك بحبل الله المتين ينقذ الغرقى ويرحم الهلكى ويعافي المبتلين .

كيف يتم الحسد؟

لكل إنسان شيطان (قرين) يجري في جسده مجرى الدم، وهو سر انحرافه والدافع للعصيان، وكلما كان الإنسان قويا في إيمانه منتصرا ًبطاعته لله ـ عز وجل ـ كان الشيطان هزيلاً ضعيفاً مخذولاً، وكلما كان الإنسان خالياً من نورالله بطيئاً في طاعة الله مستسلماً لطاعة شيطانه، كان شيطانه مستحوذاً عليه متمكناً منتصراً، وهذا غالباً حال أهل الحسد، شيطانه قوي متمكن، إذا شاهد الحاسد نعمة ولم يبارك برك الشيطان على نفسه وقيده وانطلق هو مخرباً ليؤكد للناس أنه ( أي الإنسان) حاسد شرير، وبذلك يحقق ما توعد به:{وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } (الحجر:39)

قال ابن قيم الجوزية ـ رحمه الله ـ: وعقلاء الأمم ( وليس الأمة الإسلامية فقط) على اختلاف مللهم ونحلهم لا تدفع أمر العين ولا تنكره وإن اختلفوا في سببه، ووجهة تأثير العين، فقالت طائفة: إن العائن إذ تكيفت نفسه بالكيفية الرديئة انبعث من عينيه قوة سمية تتصل بالمعين ( المحسود ) فيتضرر . وقالوا: ولا يُستنكر هذا كما لا يٌستنكر انبعاث قوة سمية من الأفعى تتصل بالإنسان فيهلك، وهذا أمر قد اشتهر عن نوع من الأفاعي، أنها إذا وقع بصرها على الإنسان هلك فكذلك العائن. وقالت فرقة أخرى: لا يستبعد أن ينبعث من عين بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين ( المحسود) وتتخلل مسام جسمه فيحصل له الضرر ( إذا شاء الله) انتهى .

هذه تصورات لصورة الحسد وكيف يتم، وهى في الحقيقة كلها حق ولا تعارض بينها؛ لأن المحصلة تقول:إن تلك السمية وهذا الشر المستطير ينبعث بقوة خفية يهيمن عليها شيطان الإنسان الذي يتحرك بالخراب والإفسادوالعيون لا تراه، وإن كانت عين العائن أو نفس الحاسد هي التي تمنت زوال أو تحول النعم، فكلما أطاع ذلك الحاسد الشيطان ( حقداً على الناس ) فسرعان ما الشيطان يطيعه بالتنفيذ العملي المدمر في صورة الحسد، الذي أجج ناره قرين ذلك الحاسد

وقد ثبت في الصحيح:" ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه، قالوا: وأنت يا رسول الله ؟

قال: نعم إلا أن اللهأعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير " .



وقال :" إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ".

وهذا الشيطان القرين يتحكم في صاحبه كلما نسى ذكر الله:

{ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ }(الزخرف: 36 )

وهذا القرين يكون بمثابة منفذ الأوامر التي تختلج بأضلع الحاسد ليتم حسده .



يروى الأصمعي: رأيت رجلاً عيوناً ( حاسداً ) كان يقول إذا رأيت الشيء وجدت حرارة تخرج من عيني (وكأنها انطلاق القرين الذي هو مخلوق من نار وكأنه لا يخرج إلا من عينيه ..والله اعلم ) .



وقال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:

" العين عينان: عين إنسية وعين جنية " .

يعنى إن لم يتحقق الحسد عن طريق عيون الإنسان فعين الشيطان ألعن .

فقد جاء في عمدةالقارىء جـ 17 صـ 404 قال الخطابي: عيون الجن أنفذ من الأسنّة ( الرماح )



ولما مات سعد سُمع قائل من الجن يقول:

نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة.... ورمينـاه بسهم فلم يخط فؤاده



قال: فتأوله بعضهم أي: أصبناه بعين، فلا غرابة أن يتم أمر الحسد عن طريق الشيطان الذي توعد ابن آدم بالشر والغواية، وكل ذلك كان بدءاً من البداية حسداً من الشيطان للإنسان الذي كرمه الله بطاعته ولكن واحسرتاه !! ما زال القدْر الأكبر من البشر يعبدون عدوهم الشيطان الذي كلما عبدوه أذاهم وأهانهم وعذبهم ونشر الشر بينهم .











قال ابن قيم ـ رحمه الله ـ أيضاً:

تأثير العين غير موقوف على الاتصالات الجسمية كما يظنه من قل علمه ومعرفته بالطبيعة والشريعة، بل التأثير يكون تارة بالاتصال، وتارة بالمقابلة، وتارة بالرؤية، وتارة بتوجيه الروح نحو من يؤثر فيه، وتارة بالأدعية والرقى والتعوذات، وتارة بالوهم والتخيل، ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على الرؤية،بل قد يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره .ولذا نجد قوله تعالى:{حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم}(البقرة:109)

يؤكد أن الحسد ينطلق من النفس الشريرة التي يجرى فيها الشيطان مجرى الدم فينشر الشر والخراب بين الناس بقوة فعله كقوة خفية تزيد الفتنة بين الناس بما تزرعه من حسد في أنفسهم .



ولقد حدد الكيفية بعمومها الإمام ابن قيم الجوزية فقال:

وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة، فإن صادفته مكشوفاً لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد، وإن صادفته حذراً شاكى السلاح لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه، وربما ردت السهام على صاحبها، وهذا بمثابة الرمي الحسي سواء . فهذا من النفوس والأرواح وذاك من الأجسام والأشباح، وأصله من إعجاب العائن بالشيء ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين " ( زاد الميعاد جـ 3 صـ 118 )

فالحسد ينفذ من النفس الخبيثة عبر البصر بقوة الشيطان الخفية التي تؤدى المهمة دون أن يراها تخريباً وتدميراً وهذا هو واقع الحسد من الناحية العلمية .



















الآثار المترتبة على الحسد:

الحسد له آثاره السيئة على الفرد و المجتمع، وهو داء عضال يتألم له القلب والفرد والمجتمع فهو يؤدى إلى انطلاق اللسان بالغيبة والنميمة والفحش من القول والسعاية والوشاية بالمحسود بالإضافة إلى الجوارح، فإنها قد تنطلق هي الأخرى محاولة إزالة النعمة أو منعها عن المحسود بشتى الوسائل

ومن آثاره كذلك: البغضاء والبغي والظلم، والخصومة والذم الفاضح والسب، وله آثاره على القلب فيفسده وغير ذلك .

وفيما يلي توضيح لبعض الآثار:

(1) الـبـغـضــاء:

جاء في الحديث:" دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء "

وقد قرن في الحديث الحسد بالبغضاء لبيان التلازم بينهما، وقد سبق أن البغضاء من أسباب الحسد وهذا في بعض الصور، أما كون البغضاء من آثار الحسد فهذا عام في كل الصور

وذلك كما يقول شيخ الإسلام:لأن الحاسد يكره أولاً فضل الله على ذلك الغير، ثم ينتقل إلى بغضه، فإن بغض اللازم يقتضى بغض الملزوم، فإن نعمة الله إذا كانت لازمة وهو يحب زوالها وهى لا تزول إلا بزواله أبغضه وأحب عدمه . ( الفتاوى:10/127)



(2) الـبَـغْـي:

البغي ثمرة خطيرة للحسد توجب ظلم المحسود وانتقاصه حقه، وهذا الأمر عام فيمن قبلنا وابتليت الأمة به .

يقول ابن تيمية:والحسد يوجب البغي، كما أخبر الله تعالى عمن قبلنا: أنهم اختلفوا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم، فلم يكن اختلافهم لعدم العلم، بل علموا الحق ولكن بغى بعضهم على بعض كما يبغى الحاسد على المحسود . ( الفتاوى:1/127)









(3) الـهُـجْـرَان:

وهو نذير شؤم يهدد سلامة المجتمع وتماسكه، فإن قوة المجتمع من تماسك أفراده وتوادّهم .

قال شيخ الإسلام: وفي الصحيحين عن أنس بن مالك t أن النبي r قال:

" لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تَقَاطَعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال: يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ".

وقد قال في الحديث المتفق على صحته من رواية أنس t أيضاً:

" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "

وقد قال تعالى:{ وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيداً{72} وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ الله لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً }( النساء:72-73)

فهؤلاء المبطئون لم يحبوا لإخوانهم المؤمنين ما يحبون لأنفسهم، بل إن أصابتهم مصيبة فرحوا باختصاصهم، وإن أصابتهم نعمة لم يفرحوا لهم بها، بل أحبوا أن يكون لهم منهم حظ، فهم لا يفرحون إلا بدُنْيَا تحصل لهم، أو شر دنيوي ينصرف عنهم، إذ كانوا لا يحبون الله ورسوله والدار الآخرة ولو كانوا كذلك لأحبوا إخوانهم، وأحبوا ما وصل إليهم من فضله وتألموا بما يصيبهم من المصيبة، ومن لم يسره ما يسرالمؤمنين ويسوءه ما يسوء المؤمنين فليس منهم . ( الفتاوى:10/127 )

(4) ترك الرأفة والرحمة بين المؤمنين:

من صفات المجتمع المسلم المودة والرحمة بين المؤمنين، وهذه الصفة لا تكاد تراها في المجتمعات الأخرى، بل تجد الغلظة والقسوة وترى التناقض في هذه المجتمعات الكافرة، فرحمة الحيوان والقطط والكلاب حدث عنها ولا حرج، وأما إبادة الشعوب في أقطار الأرض فلم يهتز لها قلب .

أما المجتمع المسلم، فهو مجتمع يحب بعضه بعضاً، بينهم التواد والتراحم .

ففي الصحيحين عن عامر قال: سمعت النعمان بن بشير يخطب ويقول: سمعت رسول الله يقول:" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر "

وفي الصحيحين عن أبى موسى الأشعري(رضى الله عنه)قال: قال رسول الله :

" المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً " وشبك بين أصابعه" .

(5) الغِيبة وترك النصيحة:

الحسد أمر باطني إلا أنه غالباً ما يظهر، وظهوره يقترن كثيراً بالغيبة والتكلم في الأعراض، وغاية ما يفعله أهل الديانة هو ترك الغيبة، وبعضهم يترك النصيحة بستر محامد المحسود .

يقول ابن تيمية ـ رحمه الله ـ:وكثير من الناس الذين عندهم دين لا يعتدون على المحسود، فلا يعينون من ظلمه، ولكنهم أيضاً لا يقومون بما يجب من حقه، بل إذا ذمه أحد لم يوافقوه على ذمه ولا يذكرون محامده، وكذلك لو مدحه أحد لسكتوا، وهؤلاء مدينون في ترك المأمور في حقه مفرطون في ذلك، لا معتدون عليه، وجزاؤهم أنهم يبخسون حقوقهم فلا ينصفون أيضاً في مواضع، ولا ينصرون على من ظلمهم كما لم ينصروا هذا المحسود، وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب .أهـ( الفتاوى 10/125 )



أمور يفعلها بعض الناس يظنون أنها تدفع الحسد ،وهى ليست كذلك

بل هي بدعة وقد تصل إلى الشرك ومنها:

ـ تعليق الخرز الأزرق

ـ تعليق حدوة الحصان

ـ تعليق سنابل القمح

ـ تعليق قرن الشطة الأحمر

ـ تعليق خمسة وخميسة على الأولاد، أو طبعها بالدم أو بغيره على الأبواب

ـ رش الملح خصوصاً يوم العرس أو سبوع المولود

ـ إذا حسد المولود يأتون بورقة ويقصوها على هيئة عروسة ثم يأخذون في وخزها بالإبرة، وبعدها تحرق ثم يأخذون رمادها ويصلبون بها على جبهة الولد أو البنت

ـ وهناك من يظن أنك تحسده فيقول لك:امسك الخشب .

ـ بل وصل بنا الشطط وعبس الشيطان أنّ منا من يضع حذاء طفل صغير على مداخل البيت أو مقدمة السيارة أو في أعناق الخيول والدواب .





وهؤلاء يكِلْهم الله إلى ما يعتقدون فيه كما أخبر بذلك النبي

فقد أخرج الإمام احمد والترمذي عن عبد الله بن حكيم(رضى الله عنه)أن النبي قال:" من تعلق شيئاً وكل إليه "

أي: وكله الله إلى ذلك الشيء الذي تعلق، فمن تعلق بالله وأنزل حوائجه به والتجأ إليه وفوض أمره إليه كفاه وقرب إليه كل بعيد ويسر له كل عسير.

قال تعالى:{ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ }( الطلاق: 3 )

ومن تعلق بغيره أو سكن إلى رأيه وعقله وتمائمه ونحو ذلك، وكله الله إلى ذلك وخذله، وهذا معروف بالنصوص والتجارب ، بل دعا عليه النبي

فقد أخرج الإمام أحمد بسند ضعيف من حديث عقبة بن عامر(رضى الله عنه) أن النبي قال:" من تعلق تميمة فلا أتمّ الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له" .

وقال الأرنؤوط: حسن ( ضعفه الألباني في الضعيفة 1266 )

وقول النبي:" من تعلق "أي:علقها متعلقاً بها قلبه في طلب خير أو دفع شر

والتميمة: قال المنذرى: خرزة كانوا يعلقونها، يرون أنها تدفع عنهم الآفات، وهذا جهل وضلالة إذ لا مانع ولا دافع إلا الله .

وهذه الأمور التي يعلقها الناس قد تصل إلى درجة الشرك

فقد أخرج الإمام احمد وأبو داود عن عبد الله بن مسعود (رضى الله عنه) قال: سمعت رسول الله يقول: " إن الرقى والتمائم والتولة شرك "

والرقى هنا الغير الشرعية، وهى التي تسمى العزائم، وهى بخلاف الرقى الشرعية والتي حث عليها النبي

ـ التمائم: قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله –:شيء يعلق على الأولاد من العين

ـ والتولة: شيء يصنعونه يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها والرجل إلى امرأته .


يتبع






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الاسلام
مشرفة المنتدى
مشرفة المنتدى
بنت الاسلام


الجنس الجنس : انثى
الجنسية الجنسية : لبنان
المزاج المزاج : قلب سعيد
عدد المساهمات عدد المساهمات : 699
السٌّمعَة السٌّمعَة : 1
نقاط نقاط : 6753
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : opera

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:34 am


_ الـوقــايـة مـن الـحـسـد _




قال ابن القيم كما في التفسير القيم صـ 585، 594 باختصار:

يندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب:

السبب الأول: التعوذ بالله من شره والتحصن به، والالتجاء إليه



وهو المقصود بهذه السورة (أي: سورة الفلق .) والله تعالى سميع لاستعاذته، عليم بما يستعيذ منه، والسمع هنا المراد به: سمع الإجابة: لا السمع العام، فهو مثل قوله: " سمع الله لمن حمده " وقول الخليل r:

{ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء } (إبراهيم:39) ومرة يقرنه بالعلم، ومرة بالبصر، لاقتضاء حال المستعيذ ذلك، فإنه يستعيذ به من عدو يعلم أن الله يراه، ويعلم كيده وشره . فأخبر الله تعالى هذا المستعيذ أنه سميع لاستعاذته، أي مجيب، عليم بكيد عدوه، يراه ويبصره، لينبسط أمل المستعيذ، ويقبل بقلبه على الدعاء وتأمل حكمة القرآن، كيف جاء في الاستعاذة بالله من الشيطان الذي نعلم وجوده ولا نراه بلفظ:

{السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }في الأعراف وحم السجدة . وجاءت الاستعاذة من شر الإنس الذين يؤنسون ويرون بالأبصار بلفظ: { السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}في سورة حم المؤمن . فقال: { إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} ( غافر: 56 )

لأن أفعال هؤلاء أفعال معاينة تُرى بالبصر، وأما نزغ الشيطان فوساوس، وخطرات يلقيها في القلب، يتعلق بها العلم، فأمر بالاستعاذة بالسميع العليم فيها، وأمر بالاستعاذة بالسميع البصير في باب ما يُرى بالبصر، ويدرك بالرؤية . والله أعلم .



السبب الثاني:تقوى الله، وحفظه عند أمره ونهيه .

فمن اتقى الله تولى الله حفظه، ولم يَكِله إلى غيره، قال تعالى:

{ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً } ( آل عمران: 120 )

وقال النبي لعبد الله بن عباس: " احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك " ( صحيح، رواه أحمد (1/293) والترمذي (2516) عن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ، وقال الترمذي: حسن صحيح.) فمن حفظ الله حفظه الله، ووجده أمامه أينما توجه، ومن كان الله حافظه وأمامه فممن يخاف ومن يحذر ؟

السبب الثالث:الصبر على عدوه، وأن لا يقاتله ولا يشكوه، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً



فما نُصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه، والتوكل على الله ولا يستطل تأخيره وبغيه، فإنه كلما بغى عليه كان بغيه جنداً وقوة للمبغي عليه المحسود، يقاتل به الباغي نفسه، وهو لا يشعر، فبغيه سهام يرميها من نفسه إلى نفسه، ولو رأى المبغي عليه ذلك لسره بغيه عليه، ولكن لضعف بصيرته لا يرى إلا صورة البغي، دون آخره ومآله . وقد قال تعالى:{ ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ } ( الحج:60 )

فإذا كان الله قد ضمن له النصر، مع أنه قد استوفي حقه أولاً، فكيف بمن لم يستوف شيئاً من حقه، بل بُغي عليه وهو صابر ؟ وما من الذنوب ذنب أسرع عقوبة من البغي وقطيعة الرحم، وقد سبقت سنة الله: أنه لو بغى جبل على جبل لجعل الباغي منهما دكاً .



السبب الرابع:التوكل على الله، فمن يتوكل على الله فهو حسبه .



والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد مالا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، وهو من أقوى الأسباب في ذلك، فإن الله حسبه، أى كافيه، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه، ولا يضره إلا أذى لا بد منه، كالحر والبرد، والجوع والعطش، وإما أن يضره بما يبلغ منه مراد فلا يكون أبداً .

وفرق بين الأذى الذي هو في الظاهر إيذاء له، وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه، وبين الضرر الذي يتشفي به منه .

قال بعض السلف: جعل الله لكل عمل جزاء من جنسه، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده فقال: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ( الطلاق: 3 ) ولم يقل: نؤته كذا وكذا من الأجر كما قال في الأعمال، بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه، وواقيه، فلو توكل العبد على الله حق توكله وكادته السموات والأرض ومن فيهن؛ لجعل له ربه مخرجاً من ذلك، وكفاه ونصره .











السبب الخامس:فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه



وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له فلا يلتفت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه، وهذا من أنفع الأدوية، وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره .

فإن هذا بمنزلة من يطلبه عدوه ليمسكه ويؤذيه، فإذا لم يتعرض له ولا تماسك هو وإياه، بل انعزل عنه لم يقدر عليه، فإذا تماسكا وتعلق كل منهما بصاحبه، حصل الشر وهكذا الأرواح سواء، فإذا علق روحه وشبَّثَها به، وروح الحاسد الباغى متعلقة به يقظة ومناماً، لا يفتر عنه، وهو يتمنى أن يتماسك الروحان ويتشبثا، فإذا تعلقت كل روح منهما بالأخرى عدم القرار، ودام الشر، حتى يهلك أحدهما . فإذا جبذ روحه منه، وصانها عن الفكر فيه والتعلق به، وأن لا يخطر بباله، فإذا خطر بباله بادر إلى محو ذلك الخاطر، والاشتغال بما هو أنفع له وأولى به، بقى الحاسد الباغي يأكل بعضه بعضاً، فإن الحسد كالنار، فإذا لم تجد ما تأكله أكل بعضها بعضاً .

وهذا باب عظيم النفع لا يلقاه إلا أصحاب النفوس الشريفة والهمم العلية، وبين الكيس الفطن وبينه حتى يذوق حلاوته وطيبه ونعيمه كأنه يرى من أعظم عذاب القلب والروح اشتغاله بعدوه، وتعلق روحه به، ولا يرى شيئاً آلم لروحه من ذلك، ولا يصدق بهذا إلا النفوس المطمئنة الوادعة اللينة، التي رضيت بوكالة الله لها، وعلمت أن نصره لها خير من انتصارها هي لنفسها، فوثقت بالله، وسكنت إليه، واطمأنت به، وعلمت أن ضمانه حق، ووعده صدق، وأنه أوفي بعهده من الله، ولا أصدق منه قيلاً، فعلمت أن نصره لها أقوى وأثبت وأدوم، وأعظم فائدة من نصرها هي لنفسها، أو نصر مخلوق مثلها لها، ولا يقوى على هذا إلا بالسبب السادس.















السبب السادس:وهو الإقبال على الله، والإخلاص له



وجعل محبته ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه، وأمانيها تدب فيها دبيب تلك الخواطر شيئاً فشيئاً، حتى يقهرها ويغمرها ويذهبها بالكلية، فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب، محبوبه المحسن إليه الذي قد امتلأت جوانحه من حبه، فلا يستطيع قلبه انصرافاً عن ذكره، ولا روحه انصرافاً عن محبته، فإذا صار كذلك فكيف يرضى لنفسه أن يجعل بيت أفكاره وقلبه معموراً بالفكر في حاسده والباغي عليه، والطريق إلى الانتقام منه، والتدبير عليه ؟ هذا ما لا يتسع إلا قلب خراب لم تسكن فيه محبة الله وإجلاله، وطلب مرضاته، بل إذا مسَّه طيف من ذلك واجتاز ببابه من خارج، ناداه حرس قلبه: إياك وحِمَى الملك، اذهب إلى بيوت الخانات التي كان من جاء حلَّ فيها، ونزل بها . مَالَكَ ولبيت السلطان الذي أقام عليه اليَزَك وأدار عليه الحرس، وأحاطه بالسور، قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس:

أنه قال: { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } ( ص: 82 – 83 )

قال تعالى: { إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} ( الحجر: 42 )

وقال: { إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ{99} إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ } ( النحل 99-100 )

وقال في حق الصديق يوسف :{ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} ( يوسف: 24 )

فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن، وصار داخل اليَزَك، لقد آوى إلى حصن لا خوف على من تحصن به، ولا ضيعة على من آوى إليه، ولا مطمع للعدو في الدنو إليه منه

{ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } ( الحديد: 21)













السبب السابع:تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه



فإن الله تعالى يقول: { وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى:30)

وقال لخير الخلق، وهم أصحاب نبيه دونه

:


{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ( آل عمران: 165 )

فما سلط علي العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه، ومالا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها، وما ينساه مما عمله أضعاف ما يذكره .

وفي الدعاء : " اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم "

فما يحتاج العبد إلى الاستغفار منه مما لا يعلمه أضعاف أضعاف ما يعلمه، فما سلط عليه مؤذ إلا بذنب .

ولقى بعض السلف رجل فأغلظ له ونال منه، فقال له: قف حتى ادخل البيت، ثم أخرج إليك، فدخل فسجد لله وتضرع إليه وتاب وأناب إلى ربه ثم خرج إليه فقال: ما صنعت ؟ فقال: تبت إلى الله من الذنب الذي سلطك به علىَّ .

وليس في الوجود شر إلا الذنوب وموجباتها، فإذا عوفي العبد من الذنوب عوفي من موجباتها، فليس للعبد إذا بُغي عليه وأوذي وتسلط عليه خصومة شيء أنفع له من التوبة النصوح.

وعلامة سعادته: أن يعكس فكره ونظره على نفسه وذنوبه وعيوبه فيشتغل بها وبصلاحها وبالتوبة منها. فلا يبقى فيه فراغ لتدبر ما نزل به، بل يتولى هو التوبة وإصلاح عيوبه، والله يتولى نصرته وحفظه، والدفع عنه ولا بد فما أسعده من عبد، وما أبركها من نازلة نزلت به، وما أحسن أثرها عليه. ولكن التوفيق والرشد بيد الله،لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، فما كل أحد يوفق لهذا، لا معرفة به، ولا إرادة له، ولا قدرة عليه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.













السبب الثامن:الصدقة والإحسان ما أمكنه



فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد، ولو لم يكن في هذا إلا بتجارب الأمم قديماً وحديثاً لكفي به، فما تكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق، وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملاً فيه باللطف والمعونة والتأييد، وكانت له فيه العاقبة الحميدة .

فالمحسن المتصدق في خفارة إحسانه، عليه من الله جُنَّة واقية وحصن حصين، وبالجملة: فالشكر حارس النعمة من كل ما يكون سببا لزوالها.

ومن أقوى الأسباب:حسد الحاسد والعائن فإنه لا يفتر ولا يني ولا يبرد قلبه حتى تزول النعمة عن المحسود، فحينئذ يبرد أنينه، وتنطفيء ناره ـ لا أطفاها الله ـ فما حرس العبد نعمة الله عليه بمثل شكرها، ولا عرَّضها للزوال بمثل العمل فيها بمعاصي الله، وهو كفران النعمة، وهو باب إلى كفران المنعم. فالمحسن المتصدق يستخدم جنداً وعسكراً يقاتلون عنه وهو نائم على فراشه، فمن لم يكن له جند ولا عسكر وله عدو، فإنه يوشك أن يظفر به عدوه، وإن تأخرت مدة المظفر. والله المستعان .



السبب التاسع:هو إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذى بالإحسان إليه

وهو من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله، فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً وحسداً، ازددت إليه إحساناً وله نصيحة، وعليه شفقة، وما أظنك تُصدِّق بأن هذا يكون فضلا عن أن تتعاطاه .

فاسمع الآن قوله عز وجل: { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{34} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ{35} وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }( فصلت: 34 – 36 )

وقال: {أُوْلَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} ( القصص: 54 )

وتأمل حال النبيإذ ضربه قومه حتى أدموه، فجعل يمسح الدم عنه، ويقول:

" اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون "

كيف جمع في هذه الكلمات أربع مقامات من الإحسان قابل بها إساءتهم إليه ؟

أحدهما:عفوه عنهم .والثاني: استغفاره لهم .

والثالث:اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون . والرابع:استعطافه لهم بإضافتهم إليه .

فقال: " اغفر لقومي " كما يقول الرجل لمن يشفع عنده فيمن يتصل به:

هذا ولدي: هذا غلامي . هذا صاحبي، فهبه لي .

واسمع الآن ما الذي يسهل هذا على النفس، ويطيبه إليها وينعمها به، اعلم أن لك ذنوباً بينك وبين الله تخاف عواقبها وترجوه أن يعفو ويغفرها لك، ويهبها لك، ومع هذا لا يقتصر على مجرد العفو والمسامحة حتى ينعم عليك ويكرمك ويجلب إليك من المنافع والإحسان فوق ما تؤمله . فإذا كنت ترجو هذا من ربك، وتحب أن يقابل به إساءتك، فما أولاك وأجدرك أن تعامل به خلقه، وتقابل به إساءتهم ؟ ليعاملك الله تلك المعاملة؛ فإن الجزاء من جنس العمل، فكما تعمل مع الناس في إساءتهم في حقك يفعل الله معك في ذنوبك وإساءتك جزاءً وفاقاً، فانتقم بعد ذلك أو اعف، وأحسن أو اترك، فكما تدين تدان، وكما تفعل مع عباده يفعل معك (وفي هذا أنزل الله في شأن الصديق رضي الله عنه حين أقسم أن ينفق على مسطح، لما خاض في حديث الإفك: {وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } ( النور: 22 ))



فمن تصور هذا المعنى، وشغل به فكره هان عليه الإحسان إلى من أساء إليه .

وهذا مع ما يحصل له بذلك من نصر الله ومعيته الخاصة، كما قال النبي للذي شكى إليه قرابته، وأنه يحسن إليهم وهن يسيئون إليه، فقال:

" لا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك "

هذا مع ما يتعجله من ثناء الناس عليه، ويصيرون كلهم معه على خصمه، فإن كل من سمع أنه محسن إلى ذلك الغير وهو مسيء إليه، وجد قلبه ودعاءه وهمته مع المحسن على المسيء، وذلك أمر فطري، فطر الله عليه عباده، فهو بهذا الإحسان قد استخدم عسكراًَ لا يعرفهم ولا يعرفونه، ولا يريدون منه إقطاعاً ولا خبزاً .

مع أنه لا بد له مع عدوه وحاسده من إحدى حالتين: إما أن يملكه بإحسانه فيستعبده وينقاد له، ويذل له، ويبقى الناس إليه، وإما أن يفتت كبده ويقطع دابره إن أقام على إساءته إليه، فإنه يذيقه بإحسانه أضعاف ما ينال منه بانتقامه، ومن جرب هذا عرفه حق المعرفة .

والله هو الموفق والمعين بيده الخير كله، لا إله غيره . وهو المسئول أن يستعملنا وإخواننا في ذلك بمنه وكرمه .









السبب العاشر:وهو تجريد التوحيد:



وهو الجامع لذلك كله، وعليه مدار هذه الأسباب،وهو تجريد التوحيد، والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم، والعلم بأن هذه الآلات بمنزلة حركات الرياح، وهى بيد محركها، وفاطرها وبارئها، ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه . فهو الذي يحسن عباده بها .

وهو الذي يصرفها عنه وحده لا أحد سواه . قال تعالى:{ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ( يونس 107 )

وقال النبي لعبد الله بن عباس ـ رضي الله عنهما ـ:

" واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك،ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك " . ( أخرجه الإمام أحمد والترمذي )

فإذا جرد العبد التوحيد فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله، بل يفرد الله بالمخافة وقد أمنه منه، وخرج من قلبه اهتمامه به، واشتغاله به وفكره فيه، وتجرد لله محبة وخشية وإنابة وتوكلاً، واشتغالاً به عن غيره، فيرى أن إعماله فكره في أمر عدوه وخوفه منه واشتغاله به من نقص توحيده، وإلا فلو جرد توحيده لما كان له فيه شغل شاغل، والله يتولى حفظه والدفع عنه، فإن الله يدافع عن الذين آمنوا، فإن كان مؤمناً بالله، فالله يدافع عنه ولا بد، وبحسب إيمانه يكون دفاع الله عنه، فإن كمل إيمانه كان دفع الله عنه أتم دفع، وإن مزج، مزج له . وإن كان مرة ومرة فالله له مرة ومرة، كما قال بعض السلف: من أقبل على الله بكليته أقبل الله عليه جملة، ومن أعرض عن الله بكليته أعرض الله عنه جملة، ومن كان مرة ومرة فالله له مرة ومرة .

فالتوحيد حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين، قال بعض السلف: من خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء .



هذه عشرة أسباب يندفع بها شر الحاسد والعائن والساحر، وليس له أنفع من التوجه إلى الله وإقباله عليه، وتوكله عليه، وثقته به، وأن لا يخاف معه غيره، بل يكون خوفه منه وحده، ولا يرجو سواه بل يرجوه وحده، فلا يعلق قلبه بغيره، ولا يستغيث بسواه، ولا يرجو إلا إياه . ومتى علّق قلبه بغيره ورجاه وخافه: وكِل إليه يستغيث وخذل من جهته، فمن خاف شيئاً غير الله سلط عليه . ومن رجا شيئاً سوى الله خُذل من جهته وحُرم خيره، هذه سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً .



مختصر ما سبق ... نستطيع أن نقول:

أن هناك عشرة أسباب للوقاية من الحسد، يمكن أن نوجزها فيما يلي:



الأول: التعوذ بالله وحده من شر الحسد:

فإن الله تعالى سميع لم استعاذ به، وعليم بما يستعيذ العبد منه .



الثاني: تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه:

فمن اتقى الله، تولى الله حفظه ولم يكله إلى غيره، قال تعالى:

{ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } ( آل عمران:120 )



الثالث: الصبر على عدوه:

فلا يقاتله ولا يشكوه ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً، فما نصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه .



الرابع: التوكل على الله:

فإنه من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد عن نفسه ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعداوتهم . قال تعالى: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } ( الطلاق: 3 ) أي: كافيه

ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه .



الخامس: فراغ القلب من الاشتغال بالحسد:

يجب على المسلم أن يمحو الحسد من قلبه كلما خطر له، ولا يلتفت إليه ولا يخافه ولا يملأ قلبه بالفكر فيه .



السادس: الإقبال على الله وإخلاص العمل له:

فالإخلاص هو سبب انتصار العبد على الشيطان الرجيم، قال تعالى حكاية عن الشيطان:

{ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ{82} إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ } ( ص: 82 – 83 )

فمن دخل في حصن الإخلاص، لم يخلص إليه أحد من الجن والإنس .





السابع:تجريد التوبة إلى الله من الذنوب:

وليعلم العبد أن ما يصيبه إنما هو من ذنوبه، قال تعالى:

{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} (الشورى:30)

وقال سبحانه لأصحاب نبيه

:


{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ }( آل عمران: 165 )

فكلما تاب العبد من ذنوبه، كلما كان ذلك سبباً لتجنبه الحسد من الناس .



الثامن:الصدقة والإحسان إلى الناس:

لكي يتجنب المسلم الحسد ينبغي له أن يكثر من الصدقات في السر والعلانية، ويحسن إلى الناس، فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء عن المؤمن ودفع الحسد كذلك .

وهذا واقع ملموس، فمن النادر أن يتسلط الأذى والحسد على صاحب صدقة خالصة لله تعالى، وإن أصابه شيء من الحاسد فإن الله يلطف به جزاء ما قدم لله وحده .



التاسع:الإحسان إلى الحاسد:

إن من أعظم الأسباب لدفع الحسد، والتي لا يوفق إليها إلا من وفقه الله، إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذى بالإحسان إليه، قال تعالى:

{ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{34} وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} ( فصلت:34-35 )



العاشر:تجريد التوحيد:

يجب على العبد أن يشغل فكره دائماً بالله تعالى فهو وحده مسبب الأسباب، ولا يحدث شيء في هذا الكون إلا بإرادته ومشيئته، قال تعالى:

{ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ } ( يونس:107 )

فإذا جرد العبد التوحيد لله تعالى، فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله، فالتوحيد حصن الله الأعظم من دخله كان من الآمنين.

( بدائع الفوائد لابن القيم جـ 2 صـ 245،238 ) مختصراً



علامات يُعرف بها الحاسد:

1ـ كثير الشكوى من قدر الله، وتراه دائماً ضجراً لا يحمد الله، وقلما يحدث بنعمة الله التي يتنعم فيها

يحقد على الناس .

قليل الذكر كثير التكالب على الدنيا، وأكثر ما يتكلم في المال و حطام الدنيا الفاني

ترى في وجهه صفرة تشوبها سواداً وكآبة، وهو عبوس دائم الحزن كثير الفضول والتطفل .

قال عمر بن عبد العزيز: ما رأيت ظالماً أشبه بمظلوم من الحاسد غم دائم ونَفَسْ متتابع .

5ـ ينظر دائماً إلى من فوقه من أهل الدنيا، فيشعر بالنقص وعدم السيادة، حتى وان تقلد أرفع المناصب، ولذلك قيل في الحكمة: إن الحسود لا يسود.

يركز بعينيه على ما يعجبه تركيزاً ثابتاً، وكأنه مشدوهاً معجباً به لدرجة الذهول.

إن رأى نعمة على أحد لم يبارك ولا يحمد الله، بل يصل به الأمر أنه قد يسوؤه ما أصاب غيره من الخير وصدق ربنا حيث قال:

{ إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا } ( آل عمران: 120 )

وهذا الفرح شماتة، والحسد والشماتة يتلازمان.

ولهذا كان معاوية – رحمه الله – يقول:

كل الناس أقدر على رضاه إلا حاسد نعمة فإنه لا يرضيه إلا زوالها . ( الزواجر 1/93 )



عـقـوبــة الـحــاسـد

اختلف أهل العلم في جريان القصاص على الحاسد

قال القرطبي:

لو أتلف العائن ( الحاسد ) شيئاً ضمنه، ولو قتل فعليه القصاص أو الدية، إذا تكرر ذلك منه بحيث يصير عادة، وهو في ذلك كالساحر عند من لا يقتله كفراً.

أما الشافعية:

منعوه، وقالوا إنه لا يقتل ولا يعد مهلكاً.

ونقل ابن بطال عن بعض أهل العلم ... أنهم قالوا:

ينبغي للإمام منع العائن إذا عرف بذلك من مداخلة الناس، وأن يلزم بيته، فإن كان فقيراً رزقه ما يقوم به، فإن ضرره أشد من ضرر المجذوم الذي منعه عمر من مخالطة الناس، والذي قال فيه

:


" فر من المجزوم فرارك من الأسد "

وكذلك الأمر بالفرار من الحاسد، هذا بالنسبة لرأى العلماء في الحاسد .

كلمة إلى المحسود

اعلم أنه ما حسدك الحاسد إلا بفضل فيك ونقص منه.

قال بعضهم:




إني أُصبتُ فزاد الله في حسبي...... لا عاش من عاش يوماً غير محسودِ






ما يحسدُ المرء إلا من فضائله.... بالعلم والظرف أو بالبأس والجـود



وقال أخر:






وإذا أراد الله نشر فضيـلة طويت.... أتـاح لها لـسان حســود






لولا اشتعال النار في جذل الغصنا.... ما كان يُعرف طيبُ ريح العود



وقال أخر:




عُداتى لهم فضل علىّ ومنةٌ.... فما أذهب الرحمن عنى الأعادِيَ






هم بحثوا عن ذلتي فاجتنبتها.... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا



فاصبر على آذاه ولا تعـاتبه؛ فإن هـذا يـزيده هماً ونكـداً

كما قال بعضهم:




اصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله.... كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله





وقال أخر:


دع الحسود وما يلقاه من كمده.... يكفيك منه لهيب النار في كبده

إن لمت ذا حسد فرّجت كربته.... وإن سـكـت فقد عذبته بيده



واعلم أن هذا الحاسد لم يغير قضاء الله تعالى، فإن أصابك بعين فهو بقدر الله تعالى، فعليك أن تدفعه بقدر الله، فتأخذ بالأسباب الشرعية لدفع الحسد والعين، فالحاسد كان بقدر الله، ودفع هذا الشر بالذكر والرقية أيضاً يكون بقدر الله، فينبغي دفع القدر بالقدر .


يتبع




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بنت الاسلام
مشرفة المنتدى
مشرفة المنتدى
بنت الاسلام


الجنس الجنس : انثى
الجنسية الجنسية : لبنان
المزاج المزاج : قلب سعيد
عدد المساهمات عدد المساهمات : 699
السٌّمعَة السٌّمعَة : 1
نقاط نقاط : 6753
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : opera

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالثلاثاء ديسمبر 29, 2009 2:36 am





وأتوجه إلى المحسود وأقول له:

اعلم أنه قد يصيبك ويصيب أولادك حسدٌ وأنت لا تعرف مصدره، فتظل في بحث دائم عن الجاني، وما علمت أنك أنت الذي جنيت على نفسك أو على أولادك.

فكم من إنسان يقتل نفسه حينما ينظر إلى ما يعجبه من نفسه أو من أولاده، فلا يُبَرِّك ولا يحصنهم ويحصن نفسه بذكر الله، فيصيبه سهم من سهام الجن .

وكم من أناس حسدوا أنفسهم ولم يحسدهم أحد، وكم من أناس قتلوا أنفسهم ولم يقتلهم أحد، وكم من أناس عَقَرُوا أنفسهم ولم يقعرهم أحد.

فعلى الإنسان العاقل الذي يخشى الحسد أن يستعين على قضاء حاجته بالكتمان، حتى يسلم من حقد الحساد وأعينهم.

فقد أخرج الطبراني بسند صحيح أن النبي r قال:

" استعينوا على قضاء الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود "( صحيح الجامع 943، الصحيحة 1453)































كلمة إلى الحاسد

اعلم أنك بهذا الحسد تعترض على حكم الله ـ عز وجل ـ وتظن أن الذي خلق فسوّى لم يحسن القسمة بين الناس.

قال الغزالي – رحمه الله – كما في الإحياء (3/250):

قال زكريا عليه السلام: قال الله تعالى:

" الحاسد عدو لنعمتي متسخط لقضائي، غير راضٍ بقسمتي التي قسمت بين عبادي ".

قال بعضهم:الحاسد جاحد لأنه لا يرضي بقضاء الواحد

وفي معناه قال منصور الفقيه:


ألا قل لمن كان لي حاسداً.... أتدرى على من أسأت الأدب

أسأت على الله في حكمه.... لأنك لم ترض لي ما وهـب

فجازاك عنى بأن زادني.... وسد علـيك وجـوه الطلب

وليعلم كل من يحسد أنه يضر بدينه ودنياه

أما الضرر في الدين:

ـ فإنه يتسخط على قضاء الله وقدره فهو بذلك يشارك إبليس في حسده

ـ أنه يكره النعمة التي أنعم الله تعالى بها على عباده المؤمنين

يقول النبي r:" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه "( البخاري ومسلم )

أما الضرر في الدنيا:

ضيق في الصدر، قلق واضطراب، هم وغم، حرارة في القلب تُحَسَّ مع أنفاسه المتصاعدة، يستولى عليه الفكر الدائم فيفقد راحة البال، وهذا كله يضر بجسده فيزبل، قيل لأعرابي عُمِّرَ مائة وعشرين سنة: ما أطول عمرك ؟ فقال: تركت الحسد فبقيت .

وعلى الحاسد أن يعلم أنه لا ينال من المجالس إلا مذمة وذلاً، ولا ينال من الملائكة إلا لعناً وبغضاً، ولا ينال من الخلق إلا جزعاً وغماً، ولا ينال عند النزع إلا شدة وهولاً، ولا ينال عند الموقف إلا فضيحة وهواناً ونكالاً، ولا ينال عند الله إلا بُعداً ومقتاً.

فلهذا ولغيره ينبغي للحاسد أن يبدأ في علاج هذا المرض والتخلص منه .



ومن علاج الحسد

أن يقطع دوافع الحسد ويجفف منابعه:



أ) إن كان السبب هو البغضاء والكراهية فلابد من نزعهما من القلب حتى لا يوجد الدافع للحسد .

فقد أخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ في التوبيخ والطبراني بسند فيه مقال أن النبي r قال:" ثلاثٌ لا ينجو منهم أحدٌ: الحسد، والظن، والطيرة وسأحدثكم بما يخرج من ذلك، إذا حسدت فلا تبغض، وإذا ظننت فلا تُحقق، وإذا تطيرت فامضِ "( ضعيف الجامع 2526 )

ب) إن كان السبب هو الكِبْرُ فتذكر قول النبي r:

" لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ( الحديث أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود )

وقوله: " يُحشر المتكبرون يوم القيامة كهشيم الذَّرِّ يطَؤُهمْ الناس لِهوانِهِم على الله "( الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده )

وعليك بالتواضع كما نصحنا r بقوله:" ما زاد الله عبداً بتواضع إلا عِزاً " ( مسلم عن أبى هريرة )



جـ) إذا كان السبب هو التنازع على مقصود أو مطلوب من أمور الدنيا، فانزع من قلبك حبها حتى لا تتنافس على زائل، ويضيع عمرك ولا تجني منها سوى ما كتب لك . وعليك بالعلم أن الدنيا متاعها قليل، وكل ما فيها فتنة وابتلاء. والله يقول: { وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } (الأنفال:28)

وقد ينجح من تحسده في الاختبار ولا تنجح أنت إن حصلت على ما حصل عليه، واعلم أن مثل هذه الأمة مثل أربعة: رجل آتاه الله مالاً وعلما فهو يعمل بعلمه في ماله، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فيقول: ربِّ، لو أن لي مالاً مثل مال فلان، لكنت أعمل فيه بمثل عمله، فهما في الأجر سواء .

ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً، فهو ينفقه في معاصي الله، ورجل لم يؤتهالله علماً ولم يؤته مالاً فيقول: لو أن لي مثل ما لفلان لكنت أنفقته في مثل ما أنفقه فيه فهما في الوِزر سواء .









2ـ عدم التنافس على الدنيا والذي يورث بطبعه الحسد ثم التدابر ثم التباغض:



فقد أخرج الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي r قال:" إذا فُتحت عليكم خزائن فارس والروم أي قوم أنتم ؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمرنا الله ـ عز وجل ـ،فقال رسول الله r:" أوغير ذلك تتنافسون ثم تتحاسدون ثم تتدابرون ثم تتباغضون "

أخرج ابن أبى الدنيا في ذم الحسد والطبراني في الأوسط بسند جيد من حديث أبى هريرة t أن النبي r قال: " إنه سيصيب أمتي داء الأمم قبلكم، قالوا ما داء الأمم ؟ قال: الأشرُّ والبَطَرُ و التكاثُرُ والتنافسُ في الدنيا والتباعدُ والتحاسدُ حتى يكون البغيُ ثم الهرْجُ " ( صحيح الجامع: 3658، الصحيحة 680 )

وفي حديث آخر عند البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك t أن النبي r قال:" لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا تَقَاطَعُوا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا، ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ صاحبه بالسلام " .

ففي هذا الحديث يبين لنا النبي r أن القطيعة بين المسلمين أصلها الحسد، حيث إنه يؤدى إلى البغض ثم التدابر ثم التقاطع، ثم يبين النبي r أن هذا ليس من أخلاق المسلمين، فالمسلم ليس في قلبه حسد لأحد، بل يحب لأخيه ما يحبه لنفسه، وهذا من كمال الإيمان وامتثالاً لأوامر الحبيب العدنان.



فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أنس t أن النبي r قال:

" والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " .











3ـ يخالف نفسه ويكلفها بنقيض ما تأمره ويحسن إلى من يريد أن يحسده:



فينبغي أن يكلف نفسه نقيضه، فإن بعثه الحسد على القدح في محسوده كلّف لسانه المدح له والثناء عليه، وإن حمله على التكبر عليه ألزم نفسه التواضع له والاعتذار إليه، وإن بعثه على كف الإنعام عليه ألزم نفسه الزيادة في الإنعام عليه، فمهما فعل ذلك عن تكلف وعرفه المحسود طاب قلبه وأحبه، ومهما ظهر حبه عاد الحاسد فأحبه وتولد من ذلك الموافقة التي تقطع مادة الحسد؛ لأن التواضع والثناء والمدح وإظهار السرور بالنعمة يستجلب قلب المنعم عليه ويسترقه ويستعطفه ويحمله على مقابلة ذلك بالإحسان، ثم ذلك الإحسان يعود إلى الأول فيطيب قلبه ويصير ما تكلفه أولاً طبعاً أخر ولا يصدنه عن ذلك قول الشيطان له لو تواضعت وأثنيت عليه حملك العدو على العجز أو على النفاق أو الخوف، وأن ذلك مذلة ومهانة، وذلك من خدع الشيطان ومكايده، بل المجاملة تكلفاً كانت أو طبعاً تكسر سورة العداوة من الجانبين وتقل مرغوبها، وتعوِّد القلوب التآلف والتحاب، وبذلك تستريح القلوب من ألم الحسد رغم التباغض .



وقد ذكر ابن رجب ذلك في جامع العلوم والحكم في علاج الحسد ولم يذكر غيره فقال:

وقسم آخر إذا وجد في نفسه الحسد سعى في إزالته وفي الإحسان إلى المحسود بإبداء الإحسان إليه والدعاء له ونشر فضائله، وفي إزالة ما وجد له في نفسه من الحسد، حتى يبدله بمحبته، وأن يكون المسلم خيراً منه وأفضل وهذا من أعلى درجات الإيمان، وصاحبه هو المؤمن الكامل الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه .أهـ ( جامع العلوم والحكم صـ 327 )



ولخص الهيثمى ذلك في الزواجر فقال:

وأما العمل النافع لذلك المرض: فهو أن تكلّف نفسك أن تصنع بالمحسود ضد ما اقتضاه حسدك، فتبدل الذم بالمدح، والتكبر عليه بالتواضع له ومنع إدخال رفق عليه بزيادة الإرفاق به وهكذا، فبهذا يضعف داء الحسد وكلما زدت من ذلك تناقص الحسد إلى أن ينعدم، فافهم تسلم وامتثل تغنم، والله سبحانه الموفق، إليه ترجع الأمور . ( الزواجر:1/103)











وفي كل الأحوال يجب على الحاسد أن:

أ ـ يعلم أن ما يريده من زوال النعمة عن أخيه أمر يخرج عن حدود استطاعته

لقول الله ـ عز وجل ـ:{ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ } (فاطر:2)

وأن عطاء الله في الدنيا للعباد قد جرى به القلم منذ الأزل،حيث يقول عز وجل:

{ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } ( الزخرف: 32 )

ب ـ يعلم أن الحسد معصية سواء أبقي في القلب أم دفع إلى أقوال وأفعال،فكل حاسد آثم، وحسده ضرر عليه في الدنيا والدين: أما في الدين: فإنه بالحسد قد أسخط الله ـ تبارك وتعالى ـ عليه؛ لأنه سخط قضاءالله وكره نعمته التي قسمها بين عباده، وعدله الذي أقامه في ملكه بحكمته التي خفيت على الكثير من الناس .

وأما في الدنيا: فما يكابده الحاسد من غم وهم وحزن كلما رأى نعمة على أخيه .

وأما المحسود فينتفع ديناً ودنيا: أما منفعته في الدين: فلأنه مظلوم من جهة الحاسد – خاصة إذا دفعه حسده إلى الغيبة والقدح فيه بذكر مساوئه – فيأخذ من حسنات الحاسد ويعطيه من سيئاته .

وأما انتفاعه في الدنيا: فقد فعل الحاسد بنفسه ما هو مراد للمحسود إذ أوقعها في الحسرة والغم والألم الذي تقاسيه، فأصبح عدواً لنفسه وصديقاً لعدوه .



4ـ أن ينظر الحاسد إلى من هو دونه:



فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبى هريرةt قال: قال رسول الله r:

" انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم "

والعاقل التقي النقي هو الذي يعلم بأن النعم من المنعم وحده، وأن لكل إنسان في هذه الدنيا الفانية نصيبه، ويكفي الإنسان من نعمة الإسلام العظيم،ونعمة الصحة وستر الله عليه، وإلا فما دون ذلك كله متاع قليل طالت الأيام أو قصرتسينفد، أو صاحبه سيودعه ولن يأخذه معه، ناهيك عن أن صاحب النعمة مهموم بالحرص عليها والخوف من ضياعها.

فعلى المسلم أن يرضي بما قسم الله ويتمنى ويبارك بقاء وزيادة تلك النعم ليعيش الناس في محبة وتراحم وخير ووئام .

قيل لأعرابي عُمِّرَ مائة وعشرين سنة: ما أطول عمرك ؟ فقال: تركت الحسد فبقيت

يا طالب العيش في أمن وفي دعة.... رغـداً بـلا قتر صفـواً بلا رنق

خلص فـؤادك من غل ومن حسد.... فالغل في القلب مثل الغل في العنق





فلذا يدعونا مولانا ـ تبارك وتعالى ـ أن لا نتمنى الأماني ونحسد الناس على ما أتاهم الله من فضله، بل نسأل من أعطاهم فهو صاحب الفضل العظيم وبيده الخير وحده ـ سبحانه وتعالى ـ .

قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } (النساء: 32)

وقد جمع ابن الجوزي خلاصة ما ينبغي أن يعلمه الحاسد ليعالج مرض قلبه فقال:

وعلاج هذا المرض:

1- أن يعلم الإنسان أولاً أن الأقدار السابقة لابدّ أن تجري، وأن الاحتيال في صرف المقدور غير ممكن، وأن القسّام حكيم، ثم هو مالك يعطي ويحرم فهو الذي خلق الطرف (الطرف: هو الكريم من الناس والبخيل ونحوها, انظر مختار الصحاح.) السابق والكودن(الكودن: هو الفرس الهجين, والبغل والبرذون الهجين, انظر مختار الصحاح) ، وكأن الحاسد مضاد لإرادة المعطي سبحانه .





2- ثم إن المحسود لم ينقص الحاسد من رزقه، ولم يأخذ شيئاً من يده، فقصد الحاسد زوال ما أعطيه ظلم محض.



3- ثم ينبغي للحاسد أن ينظر في حال المحسود، فإن كان إنما نال الدنيا فقط، فهذا ينبغي أن يرحم لا أن يحسد؛ لأن الذي ذله في الغالب عليه لا له، وهل فضول الدنيا إلا الهموم

كما قال المتنبي:

ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته.... ما فاته وفضول العيش أشغال



وبيان هذا أن الكثير من المال شديد الخوف عليه، والكثير الجواري شديد الحذر عليهن، قوي الاهتمام بهن أو لهن، والوالي خائف من العزل.



4- ثم ليعلم أن النعم كثيرة الأكدار، ثم هي قليلة اللبث والمصائب تردفها، فإن صاحب النعمة ينتظر زوالها أو زواله عنها.



5- ثم ليوقن أن ما يحسد عليه المحسود ليس هو عند المحسود كما هو عند الحاسد، فإن الناس يظنون في أرباب المناصب أنهم في غاية اللذة، ولا يدرون أن الإنسان يسمو إلي أمر، فإذا ناله برد عنده وصار عادة له، فهو يسمو إلي ما هو أعلى منه، وهذا الحاسد يرى بعين الجدة والغبطة.



6- وليعلم الحاسد أنه لو عاقبه المحسود لما ناله بأشدّ من الأذى الذي هو فيه، فإن لم ينتفع بشيء من هذا العلاج، فليسع في التسبب إلي مثل ما نال المحسود.



فقد قال بعض السلف: لقد خشيت الهم حتى في الحسد، فإن الرجل إذا حسد جاره على الغنى سافر وتاجر ليصير مثله، أو على العلم سهر وتعلم، فقد صار الناس يحبون البطالة، ثم يذمون الواصل إلي المعالي. (تحاسد العلماء صـ 121- 123)



وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ:

الحسد داء عضال يأتي من نفوس شريرة لا تريد الخيرلذات الخير، بل تريد الخير لها، فإذا رأته كرهته وإن لم تتمن زواله أو لم يتمن"









كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

ويعالج هذا المرض في النفس بأمور:

الأول: أن يعلم أن هذه النعمة من فضل الله ، يقول سبحانه:

{ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ } ( النساء:54)

وهي من فعل الله، والحسد يتضمن التسخط من تقدير الله ، وإذا علم المؤمن ذلك فسيكف عن هذا الطبع.



الثاني: أن يعلم أنه لا يستفيد من الحسد إلا كثرة السيئات وذهاب الحسنات، ولهذا نقول: الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.



الثالث: أن يعلم أن الحسد لا يزيده إلا غماً وهماً، وتزيد حسرته كلما زادت نعم الله على عباده.



الرابع: أن يعلم أن الحسد لا يمنع فضل الله عن المحسود فيعلم أن حسده لا فائدة منه.



الخامس: أن يعلم أنه إذا اشتغل بالحسد فسينشغل عن مصالحه الخاصة، فتجد الحاسد يتتبع أخبار المحسود وما جاء من مال أو ولد أو علم خير.

(دروس وفتاوى الحرم المكي ( 3/363 )

وبالتأمل ستجد أشياء أخرى تعين عن التخلي عن الحسد، منها: ذكــر المــوت:

فقد قال أبو الدرداء : t

ما أكثرَ عبدُ ذكر الموت إلا قل فرحه، وقل حسده.















ـ همسة في أذن الآباء:

احذروا التفريق بين الأولاد في المعاملة فإن هذا يوّرث الحسد بينهم:

ومن صور التفريق بين الأولاد:

1- المقارنة السيئة بين الأولاد كوصف أحدهم بالذكاء والآخر بالغباء.

2- الاهتمام بأحد الأولاد دون الآخرين، كولد يُحمل ويُداعب ويُعطي، وآخر يزجر ويهمل ويُحرم.

3- التسامح عن ولد محبوب والترصد بالعقاب لولد آخر تصدر منه أدنى إساءة .

4- محبة أحد الأولاد عن الآخرين، ويظهر ذلك في إعطاء هذا ومنع هذا، تقبيل هذا وعدم تقبيل الآخر، وإذا أعطاه نصيبه من الطعام زاد له دون الآخر، وغير ذلك من صور التفريق الناتجة عن التفريق بين الأولاد في المحبة.

وهذا كله لا يجوز لأنه يوّرث التحاسد بين الإخوة

وقد روي عن النبي r عند الطبراني بسند فيه مقال:

" ساووا بين أولادكم في العطية "

وأخرج البخاري ومسلم عن النعمان بن بشيرt :

إن أباه أتى به رسول الله rفقال: إني نحلت ابني هذا ـ أي أعطيته ـ غلاماً كان لي،فقال رسول الله r: أكُل ولدك نحلته مثل هذا ؟ فقال :لا، فقال رسول الله r: فأرجله.

وفي رواية: قال رسول الله r: يا بشير، ألك ولد سوى هذا ؟ قال: نعم، قال أكلهم وهبت لهم مثل هذا ؟ قال: لا، قال: فلا تُهدي إذن، فإني لا أشهد على جور ـ أي ظلم ـ ثم قال: أيسرك أن يكونوا إليك في البر سواء؟ قال: بلى، قال: فلا إذن "













ـ وأخيراً ... فلنعلم جميعاً أن ترك الحسد وسلامة الصدر سبب لدخول الجنة:

فقد أخرج الإمام أحمد من حديث أنسt قال:

كنّا جلوساً مع رسول الله r فقال: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلع رجل من الأنصار تنطق لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال،

فلما كان الغد قال النبي r: مثل ذلك، فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي r: مثل مقالته أيضاً

فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي r تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص ـوفي رواية البيهقي: أنه عبد الله بن عمرـفقال: إني لاحيت أبي، فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت ؟ قال: نعم

قال أنس: وكان عبد الله يُحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث، فلم يقم من الليل شيئاً غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله ـ عز وجل ـ وكبّر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله: غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً، فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله، إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر ثَّم ، ولكن سمعت رسول الله r يقول لك ثلاث مرار: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فطلعت أنت الثلاث مرار، فأردت أن آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله r؟ قال: ما هو إلا ما رأيت، فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت، غير أني لا أجد في نفسي لأحدٍ من المسلمين غشاً، ولا أحسدُ أحداً على خير أعطاه الله إياه، فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق.

وروي أن موسى ـ عليه السلام ـ :

لمّا تعجل إلي ربه تعالى رأى في ظل العرش رجلاً يغبطه بمكانه، فقال: إن هذا لكريم على ربه، فسأل ربه تعالى أن يخبره باسمه فلم يخبره، وقال أُحدثك من عمله بثلاث: كان لا يحسد الناس على ما آتاهم الله من فضله، وكان لا يعق والديه، ولا يمشي بالنميمة.



وبعد...

فهذا آخر ما تيسر جمعه في هذه الرسالة

نسأل الله أن يكتب لها القبول وأن يتقبلها منا بقبول حسن، كما أسأله سبحانه أن ينفع بها مؤلفها وقارئها ومن أعان علي إخراجها ونشرها ......إنه ولي ذلك والقادر عليه .

هذا وما كان فيها من صواب فمن الله وحده، وما كان من سهو أو خطأ أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وهذا بشأن أي عمل بشري يعتريه الخطأ والصواب، فإن كان صواباً فادع لي بالقبول والتوفيق، وإن كان ثم خطأ فاستغفر لي

وإن وجدت العيب فسد الخللا.... جل من لا عيب فيه وعلا



فاللهم اجعل عملي كله صالحاً ولوجهك خالصاً، ولا تجعل لأحد فيه نصيب

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين،

هذا والله تعالى أعلى وأعلم .........

سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك



















الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله
عضو جديد
عضو جديد
عبدالله


الجنس الجنس : ذكر
عدد المساهمات عدد المساهمات : 23
السٌّمعَة السٌّمعَة : 3
نقاط نقاط : 5336

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالخميس ديسمبر 31, 2009 3:26 am

العين والحسد وطرق العلاج 46231
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
راجي رحمة ربه
وسام القلم المميز
وسام القلم المميز
راجي رحمة ربه


الجنس الجنس : ذكر
الجنسية الجنسية : الجزائر
المزاج المزاج : العب كرة
عدد المساهمات عدد المساهمات : 421
السٌّمعَة السٌّمعَة : 0
نقاط نقاط : 6140
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : explor8
العمر العمر : 32

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالجمعة يناير 01, 2010 2:24 am

العين والحسد وطرق العلاج 868686
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الفلسطينية
مديرة ومنشئة المنتدى
مديرة ومنشئة المنتدى
الفلسطينية


الجنس الجنس : انثى
الجنسية الجنسية : فلسطين
المزاج المزاج : يا عذابي
عدد المساهمات عدد المساهمات : 2614
السٌّمعَة السٌّمعَة : 58
نقاط نقاط : 11639
نوع المتصفح 	        نوع المتصفح : firefox
العمر العمر : 41

العين والحسد وطرق العلاج Empty
مُساهمةموضوع: رد: العين والحسد وطرق العلاج   العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالجمعة يناير 01, 2010 2:26 am

jazaklah
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hams2all.ahlamontada.com
 
العين والحسد وطرق العلاج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  دمج التعليم مناهج وطرق تدريس
» أمراض سوء التغذية وطرق الوقاية منها
» هل تسرح فى الصلاة؟؟؟العلاج موجود!!!!!!
» هل تسرح فى الصلاة ؟ العلاج موجود
» الحناء العلاج النبوي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى الإسلامي العام :: إســلاميــــــــات-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» الاصدار الجديد Aminking v11 Belle Refresh CFW ( Nokia N8 ) 2013
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد مارس 03, 2024 5:02 pm من طرف tretre

» Belle Chaos لل n8 افضل سوفت معدل للاصدار 111.40.1511 من فريق MenCfw بـ 14 روم معدل
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 11, 2018 8:32 am من طرف اشرف حامد

» برنامج دليل المسافر - لايت للجوال
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأربعاء نوفمبر 09, 2016 4:29 am من طرف mahmoudb69

» المكتبة الرقمية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:58 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» وكالة البحوث والتطوير
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:58 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:57 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» مركز اللغات
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:57 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:57 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» كلية العلوم المالية والإدارية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:56 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» كلية العلوم الإسلامية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:56 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» جامعة المدينة العالمية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:56 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» عمادة الدراسات العليا
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:55 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» كلية العلوم الإسلامية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:53 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» وكالة البحوث والتطوير
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:52 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:52 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» مركز اللغات
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:52 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:51 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» كلية العلوم المالية والإدارية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:51 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» جامعة المدينة العالمية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:50 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» المكتبة الرقمية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:50 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» عمادة الدراسات العليا
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:50 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» وكالة البحوث والتطوير
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:47 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» معهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:47 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» مركز اللغات
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:46 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» مجلة جامعة المدينة العالمية المحكمة
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:46 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» كلية العلوم المالية والإدارية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:46 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» كلية العلوم الإسلامية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:45 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» جامعة المدينة العالمية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:45 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» المكتبة الرقمية
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:45 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» عمادة الدراسات العليا
العين والحسد وطرق العلاج I_icon_minitimeالأحد يناير 03, 2016 1:45 pm من طرف أبو عبد الله 1960

» منتديات همس للكل
» جديد مواضيع منتدى همس للكل

 ♥ منتدى همس للكل ♥

↑ Grab this Headline Animator

» ادارة منتدى همس للكل
الساعة الآن بتوقيت مكة المكرمة
»» يرجى التسجيل بايميل صحيح حتى لا تتعرض العضوية للحذف و حظر الآى بى
  .:: جميع الحقوق محفوظه لمنتديات همس للكل © ::.
»» جميع المواضيع و الردود تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر عن رأي اداره منتدى همس للكل بــتــاتــاً
»» إبراء ذمة إدارة المنتدى أمام الله وأمام جميع الزوار والأعضاء :
على ما يحصل من تعارف بين الأعضاء أو الزوار على ما يخالف ديننا الحنيف ،
والله ولي التوفيق 
»» لمشاهدة أحسن وتصفح سريع للمنتدى يفضل استخدام متصفح أوبرا  ::.

حمّــل شريط أدوات منتدى همس للكل
toolbar powered by Conduit
تابعونا على
العين والحسد وطرق العلاج Youtub12
أدخل بريدك الالكتروني من فضلك ليصلك جديد المنتدى: