كيف تحج دون بلوغ مكة؟؟

كيف تحج دون بلوغ مكة؟؟

كم منا من يتوق للحج؟ تحلّق روحه شوقا لبلوغ تلك الديار، والطواف بالبيت العتيق، وصعود جبل الرحمة، والانضمام لضيوف الرحمن... لكن أمانيه تلك يحول دون تحقيقها المعوقات سواءً كانت القوانين التي تحدد أعمار وأعداد الحجاج، أو الظروف المانعة من مرض مقعد أو فقر مدقع أو ارتباط اضطراري، أو غير ذلك من الأقدار...
"حُج وإن لم تحُج"، هي حلقة من برنامج "رحلة عمر" الذي يقدمه الدكتور علي أبوالحسن وهو برنامج مخصص للحديث عن هذه الرحلة العظيمة وآدابها، وأسرارها وثمارها.
"حُج وإن لم تحُج" حلقة مخصصة لمن لم يستطيعوا الحج لأي سبب، تحلّق بهم ليحجوا بأرواحهم مع أن أجسادهم في بلدانهم، وكيف يمكن أن يجتهدوا في استحضار النيات واتخاذ صالح الأعمال سفينة لمرضاة الله، فيرى منهم ربهم ما يرضى به عنهم ويكتب لهم الحج وييسر لهم زيارة بيته العتيق فالحج اصطفاء واجتباء من الله وليس مهارة من العبد.
يعود الدكتور علي أبوالحسن إلى السنة النبوية المطهرة ليقتبس منها وسائل لبلوغ أجر الحاج وتبوأ فضل هذه الرحلة الروحية، وبعض هذه الأعمال من السهولة ما يجعله ميسراً لكل مسلم ومن تلك الأعمال:

المشي إلى الصلاة في المساجد:
عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة ، ومن مشى إلى صلاة تطوع ( يعني صلاة الضحى ) فهي كعمرة نافلة" وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من خرج من بيته متطهراً إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم ، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر. وصلاةٌ على إثر صلاة لا لغو بينهما كتابٌ في عليين"


صلاة العشاء والغداة في جماعة :
فعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال : أن ناساً من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قالوا : يا رسول الله ! ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم . فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم :" أوليس قد جعل الله لكم صلاة العشاء في جماعة تعدل حجة، وصلاة الغداة في جماعة تعدل عمرة "

الاعتكاف في المسجد من الفجر إلى طلوع الشمس وصلاة الضحى:
عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم يصلي ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة "

حضور حلقات العلم :
عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلِّمه كان له كأجر حاج تاماً حجته "

تجهيز حاج:
عن زيد بن خالد الجهني ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من جهز غازياً أو جهز حاجاً أو خلفه في أهله أو فطَّر صائماً كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء"

الدعاء لأخ بأن ييسر له الحج:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: آمين ولك بمثل"، وهكذا فمن دعا لأخيه أو صديقه أو شخص عزيز عليه أو حتى لمسلم لا يعرفه حق المعرفة أن ييسر الله له الحج، كان هذا سبباً في تيسير الحج للداعي.


وفي الجزء الثاني من حلقة "حُج وإن لم تحُج"، ينتقل الدكتور علي أبوالحسن إلى خطة محكمة في تحويل الهم والحزن الذي يعتري من هو مشتاق إلى الحج وحيل بينه وبين لأسباب وظروف قاهرة إلى همة تدفعه لأعمال مهمة تجعل روحه تحلق مع الحجيج وتجعله يري ربه تبارك وتعالى حرصه على الحج وأن يكون من الوافدين على الله تعالى، وفي نفس الوقت ينال بها أجر الحجاج، ويضع بصماته وتُرى آثاره في تلك البقاع المباركة ويذكره الحجيج في دعائهم وأعمالهم.
عنوان الخطة "النية مطيّة" فإسلامنا هو الدين الوحيد الذي يرتقي بالنية ليجعلها كالعمل بل إذا خلصت تكون أفضل من العمل، فكم من سابق بنيته الخالصة أصحاب الأعمال الكثيرة قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى".
ولتحصيل ثواب الحج فاعقد العزم قبل الموسم أنه إذا دعيت للحج أن تجيب وأنك عازم على أن تكون من وفد ضيوف الرحمن في البيت العتيق وما جاوره من مشاعر مقدسة. لعلك بهذه النية تنال دعوة كريمة من رب الأرباب ومسبب الأسباب.

تبنّ حاجاً
أن تدعو الناس إلى الحج وترغبهم فيه وتحث من تعرف من الأقارب والمعارف وعموم المسلمين على أداء هذه الفريضة فتكون حاضاً على عمل الخير وتكون أعمال هؤلاء الذين مضوا للحج بتشجيعك في صحيفتك، لا يقطعون واديا ولا يخطون في طواف أو سعي إلا كُتب لك كما كُتب لهم، يقول صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا".
وإذا كنت ذا مال، وحججت من قبل ولم تستطع الحج مرة أخرى بسبب تقيدك بتعاليم وتنظيمات أولي الأمر، وشعوراً منك بالمسؤولية لإفساح المجال لغيرك من الحجيج، فأعن فقيراً على الحج من خلال التواصل مع جمعيات تعين الفقراء والمسلمين الجدد على الحج، إن ذلك من شأنه أن يشعر من تعينه على الحج بعظمة أخوة هذا الدين وظلاله الوارفة.


تسبيل الأدوات
إن لم تستطع أن تكون بجسدك في الحج، فأرسل من ينوب عنك من أدوات يكتبها الله في ميزان حسناتك، فمن خلال ملابس إحرام تهديها لحاج، أو أي أدوات وإن كانت أدوات إسعاف أولية تهديها لحافلة ذاهبة للحج تترك بصمات يحصيها الله تعالى لك، وما كان ربك نسيّاً.

خدمة الحجيج
إن كنت قريباً من الديار المقدسة فاعزم العهد على خدمة ضيوف الرحمن في حلهم وترحالهم وتنقلهم بين الأماكن المقدسة، ولو أن تسقي أحدهم شربة ماء، وإن لم يكن أهلك حاضري المسجد الحرام أو تلك الديار المباركة، فاخدم أي حاج ذاهب إلى هناك في معاملة حجه، أو تعليمه تجويد حجه، أو خدمة أهله خلال سفره، وإن لم تستطع الإتيان بما سبق فلا أقل من أن تدعو لضيوف الرحمن بالسلامة وسلاسة الحج وقبول الطاعات واستجابة الدعاء وأن يغيّر الله بهم حال الأمة إلى خير حال.

عقد التواصي
اكتب دعاءً جامعاً للخير دافعاً للشر واطلب من حاج مقبل على تلك الديار أن يتذكرك بدعوة في مكان يرجى فيه استجابة الدعاء عملاً بقول يوسف عليه السلام "اذكرني عند ربك"

تشبه بالحجيج بتجويد العشر
في أيام العشر من ذي الحجة وهي أحب الأيام إلى الله، وما من أيام يحب الله أعماله الصالحة كما يحب تلك الأيام وأشرفها يوم الوقوف بعرفات حيث يعتق الله من النيران أكثر ما يعتق من العباد، تشبه بالحجيج في أعمالهم ومراغمتهم للشيطان، واحرص على مخالفة النفس والهوى والشيطان كما يفعل الحجيج واجعل الشيطان مدحوراً مقهوراً ذليلاً كما هو في يوم عرفات.