**المرأة الداعية .. التزامُها ،، صفاتُهـا ،، طُرقٌ تسلٌكُهـا لدعوةٍ مُثمرة بنَّـاءة *
أولاً: الدعوة والالتزام:
الدعوة جزء من الالتزام، وعلى كل مسلمة أن تمارس الدعوة إلى الله - عز وجل -، إن الملتزمة التي لا تمارس الدعوة قد تخلت عن أمر هام في هذا العصر بالذات، ثم من جهة أخرى ممارسة الدعوة من أقوى أسباب الثبات على الالتزام، ثم هي دليل على قوة التزام هذه المسلمة.
يقول الله - تعالى -: ((وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ))(آل عمران: 104). ويقول- صلى الله عليه وسلم - لعلي بن أبي طالب: ((لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لكم من حمر النعم)).
إذا هدى الله على يديك امرأة واحدة خير لك من أن تحوزي أفضل الأموال، ربما قد تدعينها إلى الاستقامة فتستقيم، تعمل أعمالاً أنت غافلة عنها، فتكتب في ميزان حسناتك، تقوم الليل وأنت نائمة فيكتب لك مثل أجرها، تصوم نافلة وأنت مفطرة فيكتب لك مثل أجرها، وهكذا..
ثانياً: صفات الداعية:
إن الداعية تحتاج إلى أن تتصف بصفات معينة منها:
1- العلم: ولا يعني هذا أن تكوني بلغت رتبة الاجتهاد في العلم، لا وإنما تعلمين بما تدعين إليه، فإذا كنت تريدين دعوة امرأة إلى الخشوع في الصلاة تحتاجين إلى معرفة الأدلة في ذلك، وهكذا، وبذلك يتبين أن الدعوة ممكنة لكل النساء تقريباً في عصرنا.
2- الإخلاص: إذا وجد الإخلاص زالت الموانع بإذن الله، ولابد من الإخلاص في الدعوة، لأن الدعوة عبادة فمن شرط قبولها الإخلاص، وإذا عرفت ذلك أدركت أنك تدعين إلى الله لا إلى نفسك، فاحرصي على إعمال النية في كل صغيرة وكبيرة.
3- الصلة بالله: ينبغي للداعية أن تتزود بما يقربها إلى الله، فهذا الذي يحمسها إلى الله، كما أن تكون بذلك قدوة صالحة يقتدون بفعلها قبل قولها.
4- القدوة الحسنة: ينبغي أن تكون الداعية داعية بفعلها قبل قولها، فإن الناس ينظرون إلى فعلك قبل قولك، فإن خالف فعلك قولك صرت أضحوكة لا داعية، وصرت محل السخرية لا الاحترام مع مالك من الوزر، إذ أنك في هذه الحالة تدعين إلى الجنة بقولك، وتصدين عنها بفعلك، فاحرصي على ألا يكون مظهرك مخالفاً لكلامك.
5- الصبر: الدعوة فيها مشقة، مشقة الكيفية والعمل، ومشقة تحمل السخرية من الآخرين وعدم الاستجابة، ومشقة التأني وعدم استعجال الثمرة، ولذا لابد من الصبر حتى ترين الثمرة ولا يضق صدرك إن لم يسمعوا إليك، ((فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا)) (الكهف: 6).
6- الحكمة: لابد من الحكمة في الدعوة، وتتجلى فيما يلي:
أ- استخدام الأسلوب المناسب: هل هذا ينفع معها الترغيب أو الترهيب، أو القصة، أو الكلمة القصيرة أو الرسالة ونحو ذلك.
ب- استخدام المكان المناسب: هل المناسب دعوتها في الفصل أو قاعة الدراسة، أو في منزلي بعد أن أدعوها إليه أو في منزلها وهكذا.
ج - استخدام الوقت المناسب: هل دعوتها في هذه اللحظة مناسب أو اصبر حتى تهدأ، أو حتى تبتعد عن صديقتها الشريرة، أو أوجه إليها النصيحة عند تهنئتها بشيء أو تعزيتها بشيء، هل أدعوها وهي مريضة؟ أو الأصلح بعد أن تشفى وهكذا.
د- التدرج وعدم الاستعجال: إذا دعيت امرأة تريدين منها أن تكون صالحة في يوم وليلة وإلا دخل اليأس، وهذا خطأ لابد من التدرج وعدم الاستعجال وهذا من الحكمة.
7- حسن الخلق: عجباً لحسن الخلق كم له من الفوائد وكم كسب من الناس، أنك تكسبين بأخلاقك الناس أكثر من أي شيء آخر، فعليك بحسن الخلق، الصدق، الحياء، التواضع، لين الجانب، كثرة التبسم وطلاقة الوجه والبشاشة عند اللقاء، ناديها بأحسن أسمائها، رحبي بها بحرارة، أفسحي لها في المجلس حتى لو كان عندها بعض المنكرات فهي ما زالت مسلمة، ابتعدي عن الغرور والفظاظة والجفاء، عليك بالرفق، فالرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
8- الاهتمام بالمظهر الخارجي: المرأة تحب التزيين والتجمل، وأنا أطلب من كل داعية أن تهتم بمظهرها الخارجي، لا تتبع الموضة وتبالغ في هذا الاهتمام، ولكن في الوقت نفسه لا تأتي ثائرة الرأس كريهة الرائحة، وعندما أقول لا تكن كريهة الرائحة لا يعني هذا أن تتطيب وتمر بالرجال، لا ولكن ما المانع من الاستحمام لإزالة رائحة الجسد وخصوصاً الإبطين، وأكرر ليس المقصود أن تبالغ وتتبع الموضات، لأن من كانت كذلك لم تكن قدوة صالحة.
ثالثاً: طرق الدعوة:
قد تغفل بعض النساء عن طرق الدعوة فتحصرها في طريق معين، ولذا سأذكر بعض طرق الدعوة التي يمكن للمرأة أن تسلكها فمنها:
1- الكتابة: سواء كتبت ما تريد في صحيفة أو مجلة، أو كتيب أو كتاب أو في صحيفة المدرسة أو الجامعة.
ومن الكتابة: الكتابة الودية الخاصة، ما سبق تكون كتابة عامة بمعنى أنها غير موجهة لأحد بعينه، ولكن هناك الكتابة الخاصة بأن تكتبي إلى من تريدين دعوتها، سواء كانت زميلة أو مدرسة، أو مديرة أو موظفة، أو ربة بيت أو قريبة.
تكتبين إليها بما تريدين من نصح وغير ذلك فهذه من طرق الدعوة.
2- المحاضرة: وهي من طرق الدعوة بأن تلقى محاضرة كاملة على زميلاتها أو قريباتها في الأسرة.
3- الندوة: وهي كالمحاضرة: إلا أنها تكون بالاشتراك مع أخريات، وربما لا تتكلم إلا في وقت قصير لفتح المجال للمشاركات.
4- الكلمة القصيرة أو الموعظة: بأن تلقى كلمة قصيرة على المستمعات، ولا يلزم أن يكون معداً لها، ويمكن أن يكون الحضور كثيراً أو قليلاً.
5- الحديث الودي مع شخص لفترة قصيرة: ربما تتكلمين مع زميلتك لمدة قصيرة كما لو تكلمت معها في مدة الفسحة، أو تكلمت معها في ا لهاتف.
6- القدوة: إذا كنت قدوة صالحة دعيت الآخرين بفعلك لو لم تتكلمي، إذا لاحظت من معك أنك لا تغتابين وإذا أغتيب عندك اسكتي من أغتاب أو قمت من هذا المجلس، ورأين أنك إذا أذن اصمت حتى ترددي معه ثم تقومين للاستعداد إلى الصلاة، إذا رأين أنك تهتمين بمظهرك ولكن بعيداً عن الحرام، وبعيداً عن الموضة، إذا رأين منك ذلك تأثرن بذلك ولو لم تنبهيهن بكلامك.
7- توزيع الكتب والأشرطة: قد لا تحسني الكلام ولكن هذا لا يعني أن تقفي عن الدعوة، فبإمكانك إعطاء زميلتك أو أختك في الله شريطاً تسمعه، أو كتباً تقرؤه، ربما يؤثر عليها أكثر مما تؤثرين أنت عليها، فتكونين دعوتيها بهذا الشريط أو بهذا الكتيب.
8- الدعوة الفردية: وهذه من طرق الدعوة، بأن تركزي جهدك على امرأة واحدة أو اثنتين، أو مجموعة صغيرة تتعاهدينها بالتربية على الطريق الصحيح وبالدلالة على الخير والابتعاد عن الشر، لماذا انحصر اهتمامنا في مصلى المدرسة أو حلقة التحفيظ فقط، لماذا في الفسحة اجتمع مع صديقاتي اللاتي أحبهن وأحب الحديث معهن فقط، لماذا لا نغتنم هذه الفسحة بأن أتناول فطوري مع واحدة أصادقها تكون ممن لم يلتزم، أصادقها لا لحبي لها وإنما أحتسب ذلك عند الله، يكون لي هدف من هذه المصادقة بأن أوثر عليها وهكذا، وهذا لا يمنع أبداً أن تشاركي في نشاط المصلى أو الجمعية، وعموماً ارجعي إلى شريط الدعوة الفردية فقد تكلمت هناك عن كيفيتها ومزاياها.
9- المشاركة في بعض الأعمال الدعوية: كالإخبار عن محاضرة أو عن شريط جديد، أو كتيب نزل، أو عن الكلمة أو النشاط الذي سيقام في المدرسة وهكذا.
10- تشجيع الداعيات: وشد أزرهن والدعاء لهن، ومساعدتهن فيما يحتجن إليه، ولعل من ذلك حسن الاستماع إليها وعدم التشاغل عنها، أو الانسحاب من المجلس، ومن ذلك أن تساعديها في منزلها أو تساعديها على أولادها الصغار، وهذا كما لو كانت الداعية عندها محاضرة مثلاً سيستفيد منها كثيرات، فبإمكانك هنا أن تقدمي لها الخدمات ا لتالية:
أ - أن تساعديها في الحصول على المراجع، ومن ذلك الدلالة على الأشرطة المفيدة في هذا المجال وتفريغها.
ب - أن تقولي لها سأقوم بإصلاح الغداء عنك وأنت تفرغي للتحضير.
ج - أن تقولي لها سأقوم برعاية أولادك أثناء غيبتك.
أنك إن قمت بهذه الأعمال فقد شاركت في الدعوة.